للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثْنى. فقال: بأيِّ حديثٍ؟ فقلتُ: بحديثِ شُعبَةَ، عن يَعْلَى بن عَطاءٍ، عن عليٍّ الأزديِّ، عن ابن عُمرَ، أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "صَلاةُ اللَّيلِ والنَّهارِ مَثْنَى مَثْنَى" (١). فقال: ومن عليٌّ الأزديُّ حتَّى أقبلَ منهُ هذا، أدعُ يحيى بن سَعيدٍ الأنصاريَّ، عن نافِع، عن ابن عُمرَ: أنَّهُ كان يتَطوَّعُ بالنَّهارِ أربعًا، لا يفصِلُ بينهُنَّ، وأَخُذُ بحديثِ عليٍّ الأزديِّ؛ لو كان حديثُ عليٍّ الأزديِّ صحيحًا، لم يُخالفهُ ابنُ عُمر (٢). قال يحيى: وقد كان شُعبةُ يتَّقي (٣) هذا الحديث، ورُبَّما لم يَرْفعهُ.

قال أبو عُمر: قولُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صَلاةُ اللَّيل مَثْنَى مَثْنَى": خرجَ (٤) على جَوابِ السّائل، كأنهُ قال لهُ: يا رسُولَ الله كيفَ نُصلِّي باللَّيل؛ فقال: مَثْنَى مَثْنَى، ولو قال لهُ: بالنَّهار: جازَ أن يقولَ له (٥) كذلك أيضًا مَثْنَى مَثْنَى، وما خرجَ على جَوابِ السّائل فليسَ فيه دليلٌ على ما عداهُ، وسكتَ عنهُ؛ لأنَّهُ جائز أن يكونَ مِثلهُ، وجائز أن يكونَ بخِلافِهِ.

وهذا أصَلٌ عَظِيم من أُصُولِ الفِقهِ، فصَلاةُ النَّهارِ موقُوفة على دَلائلها، فمِن الدَّليلِ على أنَّها وصلاةَ اللَّيل مَثْنَى مَثْنَى جميعًا: أَنَّهُ قد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قال: "الصلاةُ مَثْنَى مَثْنَى، تَشهُّدٌ في كلِّ ركعتَيْنِ"، لم يخُصَّ ليلًا من نهار (٦).

حَدَّثَنَاهُ (٧) عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن بكير، قال: حَدَّثَنَا أبو داود،


(١) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٢) انظر: فتح الباري للحافظ ابن حجر ٢/ ٤٧٩.
(٣) في ض، م: "ينفي".
(٤) في ض، ظا، م: "كلام خرج"، والمثبت من الأصل.
(٥) "له" سقطت من م.
(٦) بعد هذا في ظا: "وإن كان حديثه لا تقوم باسناده حجة، فإن النظر يعضده والأصول توافقه"، فكأنها زيادة لأحد القراء أقحمت في النصّ.
(٧) في م: "حَدَّثَنَا"، والمثبت من الأصل، وهو الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>