للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا (١): كما رُوِيَ عن ابن عبّاس: أنَّهُ أمَرَ مُؤَذِّنهُ في يوم مَطَرٍ أن يقولَ بعدَ قوله: حيَّ على الفَلاح: ألا صلُّوا في الرِّحال (٢).

قالوا: فإن تكلَّمَ بما ليسَ من شأنِ الصَّلاةِ، فقد أساءَ، ولا إعادةَ عليه للأذانِ.

هذا قولُ طائفةٍ من أهل الحديثِ، وهُو يُشبِهُ مذهَبَ ابن القاسم، ورِوايتُهُ عن مالكٍ فيمَنْ تكلَّمَ في شأنِ الصَّلاةِ وإصْلاحِها: أنَّهُ لا شيءَ عليه. فكذلكَ الأذانُ قياسًا ونظرًا، إلّا أنَّ مالكًا لم يختلف قولُهُ، ومذهَبُهُ في كَراهيتهِ (٣) الكلام في الأذانِ على كلِّ حال.

قال أبو عُمر: احتجَّ من أجازَ نحو هذا من الكلام في الأذانِ (٤)، بأن قال: قد ثبتَ التَّثويبُ في الفَجْرِ؛ وهُو قولُ المُؤَذِّن: الصَّلاةُ خيرٌ من النَّوم. فكلُّ ما كان حضًّا على الصَّلاةِ، أو من شأنِها، فلا بأسَ بالكلام به في الأذانِ، قياسًا على ذلك، واستِدلالًا بالحديثِ المذكُورِ في هذا البابِ، وبالله التَّوفيقُ.

وكان مالكٌ رحِمهُ الله، فيما رَوَى عنهُ غيرُ واحِدٍ، يكرهُ الكلام في الأذانِ، وقال: لم أعلم أحدًا يُقتدَى به فعلَ ذلك. وكَرِهَ ردَّ السَّلام في الأذانِ، لئَلّا يشتغِلَ (٥) المُؤَذِّنُ بغيرِ ما هُو فيه من الأذانِ، وكذلك لا يُشمِّتُ عاطِسًا، ولكنَّهُ إن فعلَ شيئًا من ذلك، وتكلَّم (٦) في أذانِهِ بَنَى (٧)، ولا شيءَ عليه.


(١) هذه الكلمة لم ترد في م.
(٢) سلف تخريجه قريبًا في هذا الباب.
(٣) في م: "كراهية".
(٤) ينظر عن الكلام في الأذان: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٤٣ - ٤٤ وفيه أقوال العلماء الآتية.
(٥) في الأصل: "ليشتغل" بدل: "لئلّا يشتغل"، والمثبت من ظا.
(٦) في ظا: "أو تكلّم".
(٧) في م: "يبني"، والمثبت من الأصل، ظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>