للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوُ هذا كلِّهِ قولُ الشّافِعيّ: يُستحبُّ للإنسانِ أن لا يتكلَّمَ في أذانِهِ، ولا في إقامَتِهِ، فإن تكلَّمَ أجزأهُ (١).

وكذلك قال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ: لا يتكلَّمُ مُؤَذِّنٌ في الأذانِ، ولا في الإقامةِ، فإن تكلَّمَ مَضَى، ويُجزئهُ. وهُو قولُ الثَّوريِّ وإسحاق.

ورُوِيَ عن ابن شِهاب، أنَّهُ قال: إن تكلَّمَ الرَّجُلُ في الأذانِ، وفي الإقامةِ، أعادَهُما (٢). ورُوي عنهُ: أنَّهُ أمَرَ مُؤَذِّنًا تكلَّمَ في أذانِهِ أن يُعيدَ. وليسَ ذلك منهُ بصحيح، والإسنادُ فيه عنهُ ضعيفٌ.

وكرِهَ الكلام في الأذانِ النَّخعيُّ، وابنُ سيرينَ، والأوزاعيُّ (٣)، ولم يجِئ عن واحدٍ منهُم: أنَّ عليه إعادةَ الأذانِ، ولا ابتِداءَهُ.

ورخَّصت طائفةٌ من العُلماءِ في الكلام في الأذانِ، منهُمُ: الحسنُ، وعُروةُ، وعَطاءٌ، وقَتادةُ (٤). وإليه ذهَبَ أحمدُ بن حَنْبل. ورُوي ذلكَ عن سُليمانَ بن صُرَدٍ رضي الله عنهُ.

وروى الوليدُ بن مَزْيد (٥) عن الأوزاعيّ قال: لا بأسَ أن يرُدَّ السَّلامَ في أذانِهِ، ولا يرُدَّ في إقامتِهِ. قال: وقال الأوزاعيُّ: ما سمِعتُ قطُّ أنَّ مُؤَذِّنًا أعادَ أذانَه (٦).

قال أبو عُمر: في (٧) هذا الحديثُ دليلٌ على أنَّ الأذانَ من شأنِ الصَّلاةِ، لا يَدَعُهُ مُسافِرٌ، ولا حاضِرٌ.


(١) وانظر: الأم ١/ ١٠٥ - ١٠٨.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٢٢١) فيما يتصل بالإقامة.
(٣) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٨٠٩، ١٨١٠)، وابن أبي شيبة (٢٢١٧) و (٢٢١٨) و (٢٢٢٠).
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٨١١، ١٨١٢)، وابن أبي شيبة (٢٢١١ - ٢٢١٦).
(٥) في الأصل: "بن يزيد"، خطأ بيّن، وهو أبو العباس الوليد بن مزيد البيروتي. انظر: تهذيب الكمال ٣١/ ٨١.
(٦) في ض، م: "الأذان"، والمثبت من الأصل، ظا.
(٧) هذا الحرف لم يرد في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>