للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: في هذا الحديثِ دليلٌ واضحٌ على أنَّ نَبيذَ التمرِ إذا أسْكَرَ خمر، وهو نَصٌّ لا يجوزُ الاعتراضُ عليه؛ لأنَّ الصحابةَ رحمهم اللَّهُ هم أهلُ اللسان، وقد عَقَلُوا أنَّ شرابَهم ذلك (١) خمرٌ، بل لم يكنْ لهم شَرابٌ ذلك الوقتَ بالمدينةِ غيرُه.

أخبرني أحمدُ بنُ عبدِ اللَّه الباجيُّ، أنَّ أباه أخبَره، قال: أخبرنا محمدُ بنُ فُطَيْس، قال: أخبرنا يحيى بنُ إبراهيم، قال: أخبرنا عيسى بنُ دينار، عن ابنِ القاسم، عن مالك، قال: نزَل تحريمُ الخمرِ وما بالمدينةِ خمرٌ من عنب (٢).

وروَى شُعبةُ، عن مُحارِبِ بن دِثار، عن جابر، قال: حُرِّمَتِ الخمرُ يومَ حُرِّمَتْ، وما كان شَرابُ الناسِ إلّا البُسْرَ والتمر (٣).


(١) سقط اسم الإشارة من الأصل.
(٢) رجال إسناده إلى مالك ثقات؛ محمد بن فطيس: هو ابن واصل الغافقي، وشيخه يحيى بن إبراهيم: هو ابن مُزَين القرطبي، وشيخه عيسى بن دينار: هو ابن واقد الغافقي، وشيخه ابن القاسم: هو عبد الرحمن.
(٣) حديث شعبة عن محارب بن دثار، عن جابر الموقوف هذا أخرجه النسائي في المجتبى ٨/ ٢٨٨، وفي الكبرى (٥٠٣٥) و (٦٧٦٣). وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٦٩٦٩) عن الثوري عن محارب بن دثار، به. وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٤٩٨) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن محارب، به. ووقع عند أحمد في الأشربة: التمر والزبيب، أو التمر والبسر.
وخالفهم الأعمش فرواه عن محارب بن دثار، عن جابر مرفوعًا بلفظ: "الزبيب والتمر هو الخمر"، أخرجه النسائي ٨/ ٢٨٨، وفي الكبرى (٥٠٣٦).
وأخرجه أحمد في "الأشربة" ومن طريقه ابن عدي في الكامل ٦/ ٨٢ في ترجمة كامل بن العلاء عن الحسن بن عمرو عن محارب بن دثار موقوفًا بلفظ: "تمر وزبيب"، ولا يصح المرفوع، ولا هذا الموقوف بلفظ التمر والزبيب. والمعروف أن عامة خمر أهل المدينة قبل تحريم الخمر: من التمر والبُسر، لكثرته عندهم، وفي البخاري (٥٥٨٠) من حديث أنس رضي اللَّه عنه أنه قال: "حُرِّمت علينا الخمر حين حُرّمت وما نجدُ خمر الأعناب إلّا قليلًا، وعامة خمرنا: البُسر والتمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>