للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ الموّاز: اختلَفَ قولُ مالكٍ في شِراءِ الثَّمَرةِ بعد شِراءِ الأصول، وقد أُبِّرتِ الثَّمَرةُ، فقال: لا يجُوزُ قرُبَ ذلك أو بعُدَ، وكذلك مال العبدُ.

وقد قال فيهما أيضًا (١): إنَّ ذلكَ جائزٌ. قال: والذي أخذَ به ابنُ عبدِ الحَكَم، والمُغيرةُ، وابنُ دينار: أنَّهُ لا يجُوزُ فيهِما، إلّا أن تكونَ مع الأصل (٢)، ومع العَبْدِ، في صَفْقةٍ واحِدةٍ.

وقد روى أشْهَبُ عن مالكٍ القولينِ جميعًا.

ولا خِلافَ عن مالكٍ، وأصحابِهِ في مشهُورِ المذهب: أنَّ الثَّمَرةَ إذا اشْتَرطها مُشْتري الأصل، أوِ اشْتَراها بعدُ، أنَّها لا حِصَّةَ لها من الثَّمنِ، ولو أُجيحت كلُّها كانت من المُشتري، ولا يكونُ شيءٌ من جائحتِها على البائع. وكذلك كلُّ ما جازَ اسْتِثناؤُهُ في الشِّراءِ، والكِراءِ من الثِّمارِ، لا جائحةَ فيه، وإنَّما تكونُ الجائحةُ فيما بيعَ مُنفرِدًا من الثِّمارِ، دُونَ أصل. هذا تحصيلُ المذهبِ، وكلُّ رَهْنٍ فيه ثَمَرةٌ قد أُبِّرتْ، فهي رَهنٌ عندَ مالكٍ وأصْحابِهِ، مع الرِّقابِ، وإن كانت لم تُؤَبَّر، فهي للرّاهِنِ.

وأمّا الشّافِعيُّ رحِمهُ الله، فقَولُهُ في بَيعْ النَّخلِ بعد الإبارِ وقَبْلهُ، كقولِ مالكٍ سَواءٌ، إلّا أنَّهُ لا يُجيزُ للمُبتاع أن يَشْتري الثَّمَرةَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، إذا لم يَشْترِطها في حينِ شِرائهِ النَّخل (٣). ولم يُفرِّق بينهُ، وبين غيرِهِ، لعُمُوم نَهْي رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثَّمَرةِ حتَّى يبدُو صَلاحُها (٤).


(١) قوله: "أيضًا" لم يرد في الأصل.
(٢) في ظا، م: "الأصول"، والمثبت من الأصل.
(٣) الأم ٣/ ٤١.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ١٤٠ (١٨٠٧) من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>