للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ، فإنَّهُم ردُّوا ظاهِر هذه السُّنَّةِ ودليلَها بتَأويلهِم. وردَّها ابنُ أبي ليلى (١) رَدًّا مُجرَّدًا، جَهْلًا به (٢)، والله أعلمُ، وسَنذكُرُ أقوالهم.

وظاهِرُ مذهبِ مالكٍ وأصْحابِه: القولُ بهذا الحديثِ جُملةً، لا (٣) يرُدُّونهُ، وَيسْتعمِلُونهُ فيمَنْ باعَ نَخْلًا قد أُبِّرت، أنَّ ثمَرَها للبائع، إلّا أن يَشْترِطها المُبتاعُ. قالوا: وإذا لم تُؤَبَّرِ الثَّمَرةُ، فقد جَعلَها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للمُبتاع، فإنِ اشْتَرطها البائعُ، لم تجُز، وكأنَّ المُبتاعَ باعَها قبل بُدُوِّ صَلاحِها.

ومن باعَ عندَهُم أرضًا فيها زرعٌ لم يَبْدُ صَلاحُهُ، فهُو للبائع، حتَّى يَشْترِطهُ المُبتاعُ. كمأبورِ النَّخل، وما لم يَظْهر من الزَّرع في الأرْضِ، فهُو للمُبتاع بغيرِ شَرْطٍ، كما لم يُؤَبَّر من الثَّمَرِ.

ولا بأسَ عندَهم ببيع الأرضِ بزَرْعِها، وهُو أخضرُ، كبيع النَّخْل (٤) بثَمَرِها قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، لأنَّ الثَّمرَ والزَّرعَ تَبعٌ لأصِلهِ.

وإذا أُبِّر أكثرُ الحائطِ عندَهُم، فهُو للبائع، حتَّى يَشْترِطهُ المُبتاعُ، وإن كان المُؤَبَّرُ أقلَّهُ، فهُو كلُّهُ للمُبتاع.

واضْطَربُوا إذا أُبِّر نِصفُهُ، والأظْهَرُ من المذهب: أنَّهُ للمُبتاع، إلّا أن يكونَ النِّصفُ مُفرَّدًا (٥) فيكونُ للبائع حينئذٍ، وإلّا فهُو للمُبتاع.

ومنِ ابتاع عندَهُم أرضًا (٦)، ولم يذكُر شَجَرَها، فهي داخِلةٌ في البيع، كبِناءِ الدّارِ، وكذلك في صدَقَتِها، وأمّا الزَّرعُ فهُو للبائع، حتَّى يَشْترِطهُ المُبتاعُ.


(١) انظر: الاستذكار ٦/ ٣٠٢.
(٢) في م: "بها".
(٣) في م: "ولا".
(٤) في م: "الأصول"، والمثبت من الأصل.
(٥) في م: "مفرزًا".
(٦) في م: "أرضًا عندهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>