للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد أُمِنَت فيه العاهاتُ، فأزْهَتِ الحَوائطُ حولهُ، وإن لم يُزْهِ هذا، لأنَّ منها ما يتأخَّرُ (١).

قال: وسُئلَ عن الرَّجُل يبيعُ الثِّمارَ من النَّخيلِ والأعْنابِ، بعد أن تَطِيبَ، على من سَقيُها؟ فقال: سَقْيُها على البائع. قال: ولولا أنَّ السَّقي على البائع، ما اشتراهُ المُشْتري.

قال: وقال مالكٌ بوَضْع الجائحةِ في الثَّمَرةِ إذا كانت من قِبَلِ الماءِ، قليلةً كانت أو كثيرةً، وإن كانت أقلَّ من الثُّلُثِ. قال: وليسَ الماءُ كغيرِهِ، لأنَّ ما جاءَ من قِبَلِ الماءِ، فكأنَّهُ جاءَ من قِبَلِ البائع.

وقال الشّافِعيُّ: لو كان لرَجُلٍ حائطٌ آخر فأزْهَى حائطُ جارِهِ إلى جَنْبِهِ وبَدا صَلاحُهُ، حلَّ بيعُهُ، ولم يحِلَّ بيعُ هذا الحائطِ الذي لم يبدُ صَلاحُ أوَّلهِ. قال: وأقلُّ ذلك، أن تُزهي في شَيءٍ منهُ الحُمرةُ والصُّفرةُ (٢)، ويُؤكَلُ شيءٌ منهُ.

قال أبو عُمر: قد مَضَى القولُ في هذا البابِ مُستَوعبًا، وفي الجائحةِ فيه، وفي أكْثرِ مَعانيهِ، في بابِ حُميدٍ الطَّويل من كِتابِنا هذا، وجَرَى منهُ ذِكرٌ صالحٌ في بابِ أبي الرِّجالِ منهُ أيضًا، وذكَرْنا منهُ ها هُنا ما لم يَقَع ذِكرُهُ في ذينك البابينِ.

وأمّا الآثارُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا البابِ، فمُختلفةُ الألفاظِ، مُتَّفِقةُ المعنَى (٣)، مُتقارِبةُ الحُكم، بعضُها فيه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بيع الثِّمارِ حتَّى يَبْدُو صَلاحُها. وفي بعضِها: حتَّى تُطْعِم. وفي بعضِها: حتَّى تُزهِيَ. وفي بعضِها: حتَّى تحمرَّ وتصفرَّ. وفي بعضِها: حتَّى تُشْقِحَ. ومعنى تُشْقِحُ عندَهُم: تحمرُّ أو تَصْفرُّ، ويُؤكَلُ منها. وفي بعضِها: طُلُوعُ الثُّريّا.


(١) ينظر: البيان والتحصيل ٧/ ٢٩٨.
(٢) في م: "أو الصفرة"، والمثبت من الأصل.
(٣) في ض، ظا، م: "المعاني"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>