للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي كلُّها آثارٌ ثابتةٌ محفُوظةٌ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من حديث: ابن عُمرَ (١)، وأبي هُريرةَ، وجابرٍ، وابنِ عبّاس، وأبي سَعيدٍ الخُدريِّ، وغيرِهِم.

ولا خِلافَ بين العُلماء: أنَّ جميعَ الثِّمارِ داخِلٌ في معْنَى ثَمرِ النَّخل، وأنَّهُ إذا بَدا صَلاحُهُ، وطابَ أوَّلُهُ حلَّ بيعُهُ.

وإنَّما اخْتَلف مالكٌ والشّافِعيُّ في الحائطِ إذا أزْهَى غيرُهُ قُرْبهُ ولم يُزهِ هُو، هل يحِلُّ بيعُهُ؟ على ما ذكَرْنا عنهُما.

وقد رُوِيَ عن مالكٍ مِثلُ قول الشّافِعيِّ، والأوَّلُ عنهُ أشهرُ.

وتحصيلُ مذهَبِ مالكٍ في ذلك: أنَّ الزَّمَن إذا جاءَ منهُ ما يُؤمَنُ مَعهُ على الثِّمارِ العاهَةُ، وبَدا صَلاحُ جِنسٍ ونوع منها، جازَ بيعُ ذلك الجِنْسِ والنَّوع، حيثُ كان من تلك البَلْدةِ.

وكان يَلْزمُ الشّافِعيِّ أن يقول مِثل قولِ مالكٍ هذا، قِياسًا على قولهِ في الحائطِ إذا تأخَّر إبارُهُ وأُبِّر غيرُهُ، فإنَّهُ راعَى الوقتَ في ذلكَ، دُونَ الحائطِ، وراعى في بيع الثِّمارِ الحائطَ بنفسِهِ. وهُو أمرٌ مُتقارِبٌ، ولكلِّ واحِدٍ منهُما وجهٌ تدُلُّ عليه ألفاظُ الأحاديثِ لمن تَدبَّرها، وذلك واضِحٌ يُغني عن القولِ فيهِ.

حدَّثنا أحمدُ بن قاسم وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا الحارِثُ بن أبي أُسامةَ، قال: حدَّثنا روحٌ، قال: حدَّثنا زكريّا بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا عَمرُو بن دينارٍ، أنَّهُ سمِعَ جابر بن عبدِ الله يقولُ: نَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بَيْع الثِّمارِ حتَّى يبدُو صَلاحُها (٢).


(١) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه، وكذا ما بعده.
(٢) أخرجه مسلم (١٥٣٦) (٥٤)، وأبو عوانة (٥٠١٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٣، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٠١، من طريق روح، به. وأخرجه أبو عوانة (٥٠١٦) من طريق زكريا بن إسحاق، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>