للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: معْنَى قولهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ على بَيْع بعضٍ". و"لا يَبِع أحدُكم (١) على بيع أخيهِ، ولا يَسُمْ على سَوْمِهِ" (٢). عندَ مالكٍ وأصحابِهِ معنًى واحِدٌ كلُّهُ، وهُو أن يَسْتحسِن المُشتري السِّلعةَ ويهواها، ويركَنُ إلى البائع ويميلُ إليه ويتذاكَرانِ الثَّمنَ، ولم يبق إلّا العَقْدُ والرِّضى الذي يتمُّ به البيعُ، فإذا كان البائعُ والمُشْتري على مِثل (٣) هذه الحال، لم يَجُزْ لأحدٍ أن يَعْتَرِضهُ، فيَعْرِض على أحدِهِما ما (٤) يُفسِدُ به ما هُما عليه من التَّبايُع، فإن فعَلَ أحدٌ ذلكَ، فقد أساءَ، وبِئسَما فعَلَ، فإن كان عالمًا بالنَّهي عن ذلكَ، فهُو عاصٍ للّه.

ولا أقُولُ: إنَّ من فعَلَ هذا، حرُمَ بيعُهُ الثّاني، ولا أعلمُ أحدًا من أهل العِلم قالهُ، إلّا رِوايةً جاءَت عن مالكٍ بذلكَ. قال: لا يبِع الرَّجُلُ على بَيْع أخيهِ، ولا يخطُبُ على خِطْبةِ أخيهِ، ومن فعلَ ذلكَ فُسِخَ البيعُ ما لم يَفُت، وفُسِخَ النِّكاحُ قبلَ الدُّخُول.

وقد أنكَرَ بعضُ (٥) أصْحابِ مالكٍ هذه الرِّوايةَ عن مالكٍ في البيع دُونَ الخِطْبةِ، وقالوا: هُو مكرُوهٌ لا يَنْبغي.

وقال الثَّوريُّ، في قول رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَبِعْ بعضُكُم على بيع بعضٍ".

أن يقول: عِندِي ما هُو خيرٌ منهُ.


(١) في ظا، م: "الرجل".
(٢) أخرجه مسلم (١٤١٣)، وابن ماجة (٢١٧٢)، والبزار في مسنده ١٧/ ٢٤٩ (٩٩٣١)، وأبو يعلى (٥٨٨٧) من حديث أبي هريرة.
(٣) هذه اللفظة سقطت من الأصل، وهي ثابتة في ظا.
(٤) زاد هنا في م: "به".
(٥) هذه اللفظة سقطت من الأصل، وهي في ظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>