للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُبيدُ الله، قال: أخبرني نافِع، عن ابن عُمرَ، قال: كانوا يَتَبايعُونَ الطَّعام جُزافًا في أعْلَى السُّوقِ، فنَهاهُمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعُوهُ حتَّى ينقُلُوهُ (١).

قال أبو عُمر: إذا آواهُ إلى رَحْلهِ، ونَقلهُ، فقد قَبضهُ، وإنَّما كانوا يُضرَبُونَ على ذلكَ، لئَلّا يبيعُوهُ قبلَ قبضِهِ.

وبيعُ الطَّعام جُزافًا في الصُّبرة، ونحوِها، أمر مُجتمَع على إجازتهِ، وفي السُّنَّةِ الثّابِتةِ في هذا الحديثِ دليل على إجازَةِ ذلك، ولا أعلمُ فيه اختِلافًا، فسقَطَ القولُ فيه، إلّا أنَّ مالكًا لم يُجِز لمَنْ علِمَ مِقدار صُبْرتهِ وكُدْسِهِ كَيْلًا، أن يبيعهُ جُزافًا، حتَّى يُعَرّفَ المُشتري بمَبْلَغِهِ، فإن فعلَ فهُو غاشٌّ، ومُبتاعُ ذلكَ منهُ بالخيارِ إذا علِمَ، كالعيبِ سواء.

وهذا مَوْضِعٌ اختلَفَ العُلماءُ فيه، فقال منهُم قائلُونَ: لا يضُر عِلمُهُ بكَيْلهِ، وجائز لهُ بيعُهُ جُزافًا، وإن عَلِمَ كيلَهُ، وكتمَ ذلكَ، على عُمُوم قولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] فكلُّ بَيْع حلالٌ على ظاهِرِ هذه الآية، إلّا أن تمنعَ منه سُنَّةٌ، ولم ترِدْ سُنَّةٌ في المنع من هذا، بل قد وَرَدتِ السُّنَّةُ في إجازةِ بيع الطَّعام جُزافًا، ولم يختلفِ العُلماءُ في ذلك، ولم يُفرِّق أكثرُهُم بين العالم بذلكَ والجاهِل.

قالوا: فلا وجهَ للفَرقِ (٢) بين من (٣) عَلِمَ كيل طعامِهِ، وبينَ من جَهِلهُ في ذلك.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٨/ ٢٦٣، ٣٣٨ (٤٦٣٩، ٤٧١٦)، وأبو داود (٣٤٩٤)، والنسائي في المجتبى ٧/ ٢٨٧، وفي الكبرى ٦/ ٥٧ (٦١٥٥) من طريق يحيى بن سعيد، به. وأخرجه أحمد أيضًا ١٠/ ٣٧٨ (٦٢٧٥)، ومسلم (١٥٢٦) (٣٤)، وابن ماجة (٢٢٢٩)، والبزار في مسنده ١٢/ ٧٤ (٥٥١٧)، وابن الجارود في المنتقى (٦٠٧)، وأبو عوانة (٤٩٦٧، ٧٩٩٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٨، وابن حبان ١١/ ٣٥٧ (٤٩٨٢)، من طريق عبيد الله، به.
وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٤٤٢ - ٤٤٣ (٧٧٣٣).
(٢) هذه اللفظة لم ترد في الأصل.
(٣) هذا الحرف سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>