للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأوزاعيُّ: إذا اشْتَرى شيئًا مِمّا يُكالُ ثمَّ حملَهُ إلى بَلدٍ يُوزَنُ فيه، لم يبِعهُ جُزافًا، وإن كان حيثُ حملهُ لا يُكالُ ولا يُوزَنُ، فلا بأسَ (١) بذلك.

ولا يجُوزُ عندَ مالكٍ وأصحابِهِ، بيعُ شيءٍ لهُ بالُ جُزافًا، نحو الرَّقيقِ، والدَّوابِّ، والثِّياب (٢) والمَواشي، والبزِّ، وغيرِ ذلك، مِمّا (٣) لهُ قدر وبالٌ، لأنَّ ذلكَ يدخُلُهُ الخَطَرُ والقِمارُ.

وهذا عندَهُم خِلافُ ما يُعدُّ ويُكالُ ويُوزَنُ من الطَّعام والإدام، وغير، لأنَّ ذلكَ تَحْويهِ العينُ، وَيتَقاربُ فيه النَّظرُ بالزِّيادةِ اليَسِيرة، والنُّقصانِ اليسيرِ.

وكان إسماعيلُ بن إسحاقَ يحتجُّ لمالكٍ في كَراهيتِهِ لمن عَلِمَ كَيْل طَعامِهِ، أو وَزْنهُ ومِقْدارهُ، أن يبيعهُ مجُازَفةً، مِمَّن لا يعلمُ ذلك، ويكتُمُ عليه فيه، بأن قال: المُجازَفةُ مُفاعلة، وهي مِنِ اثْنينِ، ولا تكونُ من واحِدٍ، فلا يصِحُّ حتَّى يَسْتوي عِلمُ البائع والمُبْتاع فيما يبتاعاهُ (٤) مُجازَفةً.

وهذا قولٌ لا يلزمُ، وحجَّةٌ تحتاجُ إلى حُجَّةٍ تَعْضدُها، وليس هذا سبيلُ الاحتِجاج، والذي كرِههُ لهُ مالكٌ، لأنَّهُ داخِلٌ عندَه في بابِ القِمارِ والمُخاطَرةِ والغِشِّ واللّه أعلمُ.

ورَوَى العلاءُ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من غشَّنا فليسَ مِنّا".

أخبرنا عبدُ الله بن محمدِ بن يحيى، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكر (٥)، قال: حدَّثنا أبو


(١) جاء بعدها في ض، م: "أن يباع جزافًا".
(٢) هذه الكلمة سقطت من ض، م، وهي ثابتة في الأصل، ظا.
(٣) في الأصل: "لما".
(٤) في الأصل، ض، م: "يبتاعه".
(٥) في م: "بن بكير"، محرف، وهو أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق بن داسة، البصري التمار، راوي السنن عن أبي داود، وقد تقدم غير مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>