للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا أجمعُوا على أنَّهُ لو قَبَضهُ، وقدِ ابْتاعهُ جُزافًا، وحازَهُ إلى رَحْلهِ، وبانَ به، وهُما جميعًا في مكانٍ واحِدٍ، أنَّهُ جائزٌ لهُ حِينَئذٍ بيعُهُ، عُلمَ أنَّ العِلَّةَ في انْتِقالهِ من مكانٍ إلى مكانٍ سِواهُ: قَبْضهُ، على ما يعرِفُ النّاسُ من ذلك، وأنَّ الغرضَ منهُ القبضُ، وقلَّما يُمكِنُ قبضُهُ إلّا بانتِقالهِ، والأمرُ في ذلكَ بيِّنٌ لمن فهِمَ ولم يُعانِد.

وأمّا مسألةُ المُجازَفةِ، فقد تابَع مالكًا على القولِ بكَراهةِ ما كرِه من ذلك: اللَّيثُ بن سعدٍ. وقد رُوي ذلك عن جماعةٍ من التّابِعين.

أخبرنا أحمدُ بن عبدِ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا محمدُ بن قاسم، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ السَّلام الخُشنيُّ، قال: قرأتُ على محمُود (١) بن خالدٍ، قال: حدَّثنا عَمرُو بن عبدِ الواحِدِ، قال: حدَّثنا الأوزاعيُّ، قال: حدَّثني ابنُ أبي جَميل (٢)، قال: سألتُ مُجاهِدًا، وطاوُوسًا، وعَطاءَ بن أبي رباح، والحسن بن أبي الحَسن (٣) عن الرَّجُل يأتي الطَّعام فيَشْتريهِ في البيتِ من صاحِبِهِ مُجازفةً، لا يَعْلمُ كَيْلَهُ، وربُّ الطَّعام يعلمُ كَيْلهُ. فكَرِهُوهُ كلُّهُم.

وقال مالكٌ في الجَوْز: إذا علم صاحِبُهُ عدَدهُ، ولم يعلمهُ المُشْتري، لم يبِعهُ مُجازَفةً.

قال: وأمّا القِثّاءُ ونحوه، فلَهُ أن يبيعهُ مُجازَفةً، وإن علمَ البائعُ عدَدهُ، ولم يعلَمهُ المُشْتري، لأنَّ ذلك يَخْتلفُ. وتابَعهُ على ذلكَ اللَّيثُ.


(١) هو محمود بن خالد بن أبي خالد، السلمي، أبو علي الدمشقي. انظر: تهذيب الكمال ٢٧/ ٢٩٥.
(٢) هو أبو بكر واصل بن أبي جميل الشامي. انظر: الإكمال لابن ماكولا ٢/ ١٣٠، وتهذيب الكمال ٣٠/ ٣٩٨.
(٣) في الأصل: "بن أبي الحنين"، خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>