للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داود، قال (١): حدَّثنا محمدُ بن عَوْفٍ الطّائيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن خالدٍ الوَهْبيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ، عن أبي الزِّنادِ، عن عُبَيدِ بن حُنَينٍ، عن ابن عُمرَ، قال: ابْتَعتُ زيتًا في السُّوقِ، فلمّا اسْتَوفيتُهُ، لَقِيني رجُل فأعْطاني به رِبحًا حَسَنًا، فأردتُ أن أضرِبَ على يده، فأخَذَ رجُلٌ من خَلْفي بذِراعي، فالتفتُّ، فإذا أنا بزَيْدِ بن ثابتٍ، فقال: لا تَبِعهُ حيثُ ابْتَعتهُ حتَّى تحُوزهُ إلى رَحْلِكَ، فإنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن تُباع السِّلَعُ حيثُما تُبْتاعُ، حتَّى يحُوزها التُّجّارُ إلى رِحالِهِم.

عمَّ في هذا الحديثِ السِّلع، فظاهِره حُجَّةٌ لمن جعلَ الطَّعامَ وغيرَهُ سواءً، على ما ذكَرْنا عنهُم في البابِ قبل هذا، ولكنَّهُ يَحْتمِلُ أن يكونَ أراد السِّلِعَ المأكُولةَ والمُؤتدَم بها، لأنَّ على الزَّيتِ خرجَ الخبرُ، وجاءَ في هذا الحديث: فلمّا اشْتريتُهُ، لَقِيني رجُلٌ فأعْطاني به رِبحًا ... الحديثَ. وهذا يحتمِلُ أن يكونَ اشتراهُ جُزافًا بظرفِهِ، فحازَهُ إلى نفسِهِ، كما كان في ذلك الظَّرفِ قبلَ أن يَكِيلهُ أو ينقلهُ.

والدَّليلُ على ذلكَ، إجماعُ العُلماءِ على أنَّهُ لوِ اسْتَوفاهُ بالكَيْلِ أوِ الوزنِ، إلى آخِرِهِ، لجازَ لهُ بيعُهُ في مَوْضِعِهِ، وفي إجماعِهِم على ذلكَ ما يُوضِّحُ (٢)، أنَّ قولهُ: فلمّا استوفيتُهُ. على ما ذكَرْنا، أو يكونُ لفظًا غير محفُوظٍ في هذا الحديثِ، واللّه أعلمُ، أو يكونُ زيدُ بن ثابتٍ رآه قد باعَهُ في المَوْضِع (٣) الذي ابْتاعهُ فيه، ولم يَعْلم باسْتِيفائهِ لهُ، فنُقِلَ الحديث من أجلِ ما ذكَرَهُ زيدٌ فيه، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.


(١) في سننه (٣٤٩٩). وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٨/ ١٩٠، والطبراني في الكبير ٥/ ١١٣ (٤٧٨٢)، والدارقطني في سننه ٢/ ٣٩٨ (٢٨٣١)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٤٠، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣١٤، من طريق أحمد بن خالد الوهبي، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٣٥/ ٥٢٢ (٢١٦٦٨)، وابن حبان ١١/ ٣٦٠ (٤٩٨٤) من طريق ابن إسحاق، به، وهو حديث صحيح، ابن إسحاق توبع. وانظر: المسند الجامع ٥/ ٥٢٨ (٣٨٥٩).
(٢) في ظا، م: "يوضح لك"، والمثبت من الأصل.
(٣) في م: "الموضوع"، وهو تحريف ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>