للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا الذين ردُّوهُ: فمالكٌ (١)، وأبو حَنِيفةَ وأصحابُهُما (٢). لا أعلمُ أحَدًا ردَّهُ غير هؤُلاءِ، إلّا شيءٌ رُوِيَ عن إبراهيم النَّخعيِّ (٣).

فأمّا مالكٌ، رحِمهُ الله، فإنَّهُ (٤) قال في "مُوطَّئهِ (٥) "لمّا ذكر هذا الحديث: وليسَ لهذا عندَنا حَدٌّ معرُوفٌ، ولا أمرٌ مَعمُولٌ به.

واختلَفَ المُتأخِّرُون من المالكيِّين في تخريج وُجُوهِ قولِ مالكٍ هذا، فقال بعضُهُم: دَفَعهُ مالكٌ رحِمهُ الله، بإجماع أهلِ المدينةِ على تَركِ العَملِ به، وإجماعُهُم حُجَّةٌ فيما أجْمَعُوا عليه، ومثلُ هذا يصِحُّ فيه العَملُ، لأنَّهُ مِمّا يَقعُ مُتواتِرًا ولا يقعُ نادِرًا فيُجهَل، وإذا (٦) أجمعَ (٧) أهلُ المدينةِ على تَرْكِ العَملِ به، وِراثةً بعضُهُم عن بَعضٍ، فمعلُوم أنَّ هذا تَوْقِيفٌ أقْوَى من خَبرِ الواحدِ، والأقْوَى أوْلَى أن يُتَّبعَ.

وقال بعضُهُم: لايصحُّ دعوَى إجماع أهلِ المدينةِ في هَذه المسألةِ، لأنَّ سعيدَ بن المُسيِّبِ وابن شِهاب، وهُما أجلُّ فُقهاءِ أهلِ (٨) المدينةِ، رُوِيَ عنهُما منصُوصًا العَملُ به (٩) (١٠)، ولم يُرو عن أحَدٍ من أهلِ المدينةِ نصًّا تَرْكُ العَملِ به، إلّا عن مالكٍ، ورَبِيعةَ، وقدِ اختُلِف فيه عن ربيعةَ.


(١) المدونة ٣/ ٢٢٢.
(٢) المبسوط للسرخسي ١٣/ ٦٥.
(٣) سيأتي مسندًا، ويخرج في موضعه.
(٤) قوله: "فإنه" سقط من الأصل.
(٥) أخرجه في الموطأ ٢/ ٢٠١ (١٩٥٩).
(٦) في الأصل، م: "فإذا"، والمثبت من ظا.
(٧) في ظا: "اجتمع".
(٨) قوله: "أهل " لم يرد في ظا.
(٩) قوله: "العمل به" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ.
(١٠) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٣٠٢١)، والمحلى لابن حزم ٩/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>