للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تعاقَدا، وفي هذا الحديثِ إبطالُ الوَفاءِ بالعَقدِ، وبِعُمُوم قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "منِ ابتاعَ طعامًا، فلا يبِعهُ حتَّى يَسْتوفيهُ" (١). قالوا: فقد أطلَقَ بيعهُ إذا اسْتَوفاهُ قبلَ التَّفَرُّق (٢) وبعدهُ. وبأحاديثَ كثيرةٍ مِثلِ هذا، فيها إطلاقُ البيع دُون ذِكْرِ التَّفرُّقِ.

وهذه ظواهِرُ وعُمُومٌ، لا يُعترَضُ بمِثلِها على الخُصُوصِ والنُّصُوصِ، وباللّه التَّوفيقُ.

واحتجُّوا أيضًا بلَفْظةٍ رواها عَمرُو بن شُعَيبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "البيِّعانِ بالخيارِ ما لم يَفْتَرِقا ولا يحِلُّ لهُ أن يُفارِقَ صاحِبهُ، خَشْيةَ أن يَسْتقيلهُ" (٣).

قالوا: فهذا يدُلُّ على أنَّهُ قد تَمَّ البيعُ بينهُما قبلَ الافتِراقِ، ولأنَّ الإقالةَ لا تَصِحُّ إلّا فيما قد تَمَّ من البُيُوع.

وقالوا: قد يكونُ التَّفرُّقُ بالكلام، كعَقدِ النِّكاح وشْبْهِهِ، وكوُقُوع الطَّلاقِ الذي قد سَمّاهُ الله فِراقًا، والتَّفرُّقُ بالكلام في لِسانِ العربِ مَعرُوفٌ أيضًا، كما هُو بالأبدانِ. واعتلُّوا بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:١٣٠]. وقولِهِ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} [آل عمران: ١٠٥]. وبِقولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَفْترِقُ أُمَّتي" (٤). لم يُرِد بأبْدانِهِم.


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ١٦٧ (١٨٦٣) من حديث ابن عمر.
(٢) في م: "التفريق"، والمثبت من النسخ.
(٣) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ١٧/ ٢٩٠ (١١١٩٦)، ومسلم (١٠٦٤)، والنسائي في الكبرى ٧/ ٤٧٠ (٨٥٠٣)، وأبو يعلى (١٣٤٥)، وابن حبان ١٥/ ١٢٩ (٦٧٣٥) من حديث أبي سعيد الخدري. وانظر: المسند الجامع ٦/ ٥١٣ - ٥١٤ (٤٧٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>