للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن تباعَدَ ذلك لم يرُدَّ. وهُو رأيُ ابنِ القاسم، قال: وقال مالكٌ: إنِ اشترطَ أنَّهُ إن غابَتِ الشَّمسُ من آخِرِ أيام الخيارِ، فلم يأتِ بالثَّوبِ، لزِمَ البيعُ، فلا خيرَ في هذا البيع (١).

وهذا مِمّا انفرد به أيضًا رحِمهُ الله.

وحُجَّةُ من أجازَ الخِيار واشْتراطَهُ اكثَرَ من ثلاثٍ، قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "المُسلِمُونَ على شُرُوطِهِم" (٢).

قال أبو عُمرَ: ومِن هذا البابِ أيضًا اختِلافُهُم في لفظِ الإيجابِ والقبُولِ، فقال مالكٌ: إذا قال: بعني سِلعتكَ بعَشْرةٍ، فقالط له: قد بعتُكَ، صحَّ البَيْعُ، ولا يحتاجُ الأوَّلُ أن يَقُولَ: قد قبِلتُ.

وهُو قولُ الشّافِعيِّ في البُيُوع، إلّا أنَّهُ قال في النِّكاح: إذا قال لهُ: قد زوَّجتُكَ، وقال: قد قبِلتُ. لم يصِحَّ حتَّى يقولَ المُتزوِّجُ: زوِّجني ابنتكَ، ويقول الآخرُ: قد زوَّجتُكَها، ويقول المُتزوِّجُ: قد قبِلتُ نِكاحَها (٣).

وقال أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ: إذا قال: بِعْني سِلعتكَ بكذا، وقال الآخرُ: قد بعتُكَ. لم يصِحَّ، إلّا أن يقول الأوَّلُ: قد قبِلتُ. وهُو قولُ ابنِ القاسم.

وذكَرَ الطَّحاويُّ (٤) عن أبي حنيفةَ وأصحابِهِ، إذا قال: زوِّجني. فقال: قد


(١) انظر: المدونة الكبرى ٣/ ٢٣٢.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٣٥٩٤)، وابن الجارود في المنتقى (٦٣٧)، والدارقطني في سننه ٣/ ٤٢٦ (٢٨٩٠)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٤٩، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٧٩، ١٦٦، من حديث أبي هريرة.
(٣) انظر: الأم ٥/ ٣٨.
(٤) مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤٩ (١١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>