للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجهُ الثّالثُ: أن يُحرَّضَ الإمامُ، أو أميرُ الجَيْشِ أهل العَسْكرِ على القِتالِ قَبْل لقاءِ العدُوِّ، ويُنفِّل جميعهُم مِمّا يصيرُ بأيديهِم، ويفتحهُ الله عليهم: الرُّبُع، أوِ الثلُثَ قبلَ القَسْم، تحريضًا منهُ على القِتالِ.

وهذا الوجهُ كان مالكٌ يَكْرهُهُ ولا يراهُ.

وكان يقولُ: قِتالُهُم على هذا الوجهِ، إنَّما يكونُ للدُّنيا (١). وكان يكرَهُ ذلك ولا يُجيزُهُ، وأجازَهُ جماعةٌ من أهلِ العِلم.

وأمّا اختِلافُهُم في هذا البابِ، فإنَّ جُملةَ قولِ مالكٍ وأصحابِهِ: أن لا نفلَ إلّا بعدَ إحْرازِ الغَنِيمةِ، ولا نفلَ إلّا من الخُمُسِ، والنَّفلُ عندَهُم أن يقولَ الإمامُ: من قتَلَ قتيلًا فلَهُ سلَبُهُ. قال مالكٌ: ولم يقُلها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلّا بعدَ أن بَرَدَ القِتالُ. وكرِهَ مالكٌ أن يُقاتِلَ أحدٌ على أنَّ لهُ كذا (٢).

ومِن الحُجَّةِ لمالكٍ في ذلك، ما رَواهُ عليُّ بنُ المدينيِّ، وابنُ أبي شيبةَ، عن زيدِ بن الحُبابِ، عن رَجاءِ بن أبي سَلَمةَ، قال: سمِعتُ عَمرو بن شُعيبٍ يُحدِّثُ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، قال: لا نفلَ بعدَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، يَرُدُّ قويُّ المُسلِمينَ على ضعيفهِم. قال رجاءٌ (٣): سَمِعْتُ سُليمان بن موسى الدِّمشقيَّ، وهُو معنا جالِسٌ يقولُ: سَمِعتُ مكحُولًا يقولُ، عن زيادِ (٤) بن جاريةَ، عن حَبيبِ بن مَسْلَمةَ (٥):


(١) انظر: الاستذكار ٥/ ٤٣.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في الأصل: "رجل".
(٤) في الأصل: "زيد"، محرف. وهو زياد بن جارية التميمي الدمشقي. انظر: تهذيب الكمال ٩/ ٤٣٩.
(٥) في الأصل: "سلمة"، محرف. وهو حبيب بن مسلمة بن مالك بن وهب بن ثعلبة القرشي الفهري، أبو عبد الرحمن المكي، نزيل الشام، مختلف في صحبته. انظر: تهذيب الكمال ٥/ ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>