للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نفَّل في البَداءةِ الرُّبُع، وحينَ قفَلَ الثُّلُث. فقال عَمرُو بن شُعيب: تُراني أحدِّثُكَ عن أبي، عن جدِّي، وتُحدِّثُني عن مَكْحُول (١).

ففي حديثِ عَمرِو بن شُعَيبٍ هذا: أن لا نفلَ، ليرُدَّ قَويُّ المُسلِمينَ على ضعيفِهِم. وهُو حُجَّةٌ لمالكٍ، وأمّا السَّلَبُ بعدَ أن يبرُد القِتالُ، فمَخصوصٌ (٢) ومعمُولٌ به، لما فيه من حَديثِ أبي قَتادةَ (٣) وغيم، والله أعلمُ.

ورأى مالكٌ رحِمهُ الله تَنْفيلَ السَّلَبِ من الخُمُسِ (٤)، لأنَّ الخُمُسَ مردُودٌ قِسْمتُهُ عندَهُ إلى اجتِهادِ الإمام، وأهلُهُ غيرُ مُعيَّنين، ولم يَرَ النَّفلَ من رأسِ الغَنِيمةِ، لأنَّ أهلها مُعيَّنُونَ، وهُمُ الموجِفُونَ.

وقال الشّافِعيُّ: جائزٌ للإمام أن يُنَفِّلَ قبلَ إحْرازِ الغَنيمةِ وبَعْدها، على وَجْهِ الاجتِهاد (٥).

قال الشّافِعيُّ: وليسَ في النَّفلِ حَدٌّ. قال: وقد رَوَى بعضُ الشّاميِّينَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نفَّلَ في البَداءةِ والرَّجْعةِ الثُّلُث في واحدةٍ، والرُّبُع في الأُخْرَى.

وقال: في رِوايةِ ابنِ عُمرَ ما يدُلُّ على أنَّهُ نفَّلَ نِصفَ السُّدُسِ.

قال: فهذا يدُلُّ على أنَّهُ ليسَ للنَّفلِ حَدٌّ لا يَتَجاوزُهُ الإمامُ، وأكثرُ مَغازي رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُن فيها إنفالٌ، قال: فيَنْبغي أن يكونَ ذلكَ على الاجتِهادِ من الإمام غير محدُود (٦).


(١) أخرجه ابن ماجة (٢٨٥٣)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٤/ ١٢٣، ١٢٤، من طريق زيد بن الحباب، به. دون ذكر جارية. ورواية ابن عساكر مختصرة.
(٢) في ض، م: "فخصوص".
(٣) أخرجه في الموطأ ١/ ٥٨٥ - ٥٨٦ (١٣١١).
(٤) في ظا: "قال أبو عمر: رأي مالك النفل من الخمس، وهو قول سعيد بن المسيب"، بدل: "ورأي مالك رحمه الله تنفيل السَّلَب من الخمس".
(٥) الأم ٤/ ١٥١.
(٦) انظر: الأم ٤/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>