للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما للألفِ، وأزيَدَ، فمِثالُ ذلك، أن تكونَ السَّريَّةُ عشرةً، أصابُوا في غَنيمتِهِم مئةً وخمسينَ بعيرًا، خرج منها خُمُسُها ثلاثُونَ بعيرًا، وصارَ لهم مئةٌ وعِشرُونَ، قُسِّمت على عَشْرةٍ، وجبَ لكلِّ واحدٍ اثْنا عشَرَ، اثنا عشَرَ بعيرًا، ثُمَّ أُعطِيَ القومُ من الخُمُسِ بعيرًا بعيرًا، فهذا على مذهَبِ من قال: النَّفلُ من جُملةِ الخُمُسِ، لأنَّ خُمُس الثلاثين لا يكونُ فيه عشرَةُ أبعِرةٍ.

وقد يحتجُّ من قال: إنَّ ذلك يحتمِلُ أن يكونَ من خُمُسِ الخُمُسِ، بأن يقولَ: جائزٌ أن يكونَ هُناك ثيابٌ ومَتاعٌ غير الإبِلِ، فأعطِيَ من لم يبلُغهُ البَعِيرُ قيمةَ البَعيرِ من غيرِ ذلك من العُرُوضِ.

ومِن حُجَّةِ الشّافِعيِّ ومن قال بقولِهِ: إنَّ النَّفلَ لا يكونُ إلّا من خُمُسِ الخُمُسِ، سهم النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرهُ أبو عبدِ الله المروزيُّ رحِمهُ الله، قال (١): حدَّثنا إسحاقُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا وَهْبُ بن جريرٍ، قال: حدَّثني أبي، قال: سمِعتُ محمد بن إسحاقَ يقولُ: حدَّثني الزُّهريُّ، عن سعيدِ بن المُسيِّبِ، عن جُبيرِ بن مُطْعِم قال: لمّا قسَمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَهْمَ ذي القُرْبَى بينَ بني هاشِم وبني المُطَّلِبِ، أتَيتُهُ أنا وعُثمانُ، فقُلنا: يا رسُولَ الله، هؤُلاءِ بنُو هاشِم لا يُنكَرُ فضلُهُم لما وضعكَ الله منهُم، أفرأيتَ بني المُطَّلِبِ أعْطَيتهُم ومَنَعتنا، ونحنُ وهُم مِنكَ بمَنْزِلة؟ فقال: "إنَّ بَني المُطَّلِبِ لم يُفارِقُوني في جاهِليَّةٍ ولا إسلام، وإنَّما بنُو هاشِم وبنُو المُطَّلِبِ شيءٌ واحدٌ". وشبَّكَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصابِعِهِ.

قال: فقسَمَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهُم خُمُس الخُمُسِ.


(١) في السنة (١٥٩). وأخرجه أحمد في مسنده ٢٧/ ٣٠٤ - ٣٠٥ (١٦٧٤١)، والبخاري (٣٥٠٢، ٤٢٢٩)، وأبو داود (٢٩٧٨)، والبزار في مسنده ٨/ ٣٣٠ (٣٤٠٣)، والنسائي في المجتبى ٧/ ١٣٠، وفي الكبرى ٤/ ٣٢٧ (٤٤٢٣)، وأبو يعلى (٧٣٩٩) من طريق الزهري، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٤٧٩ - ٤٨٠ (٣١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>