للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مالكٌ رحِمهُ الله لا يَرَى قِسمةَ الخُمُسِ أخماسًا، وقال: الخُمُسُ من الغَنيمةِ، حُكمُهُ حُكمُ الفيءِ، الذي لم يُوجَف عليه بخيلٍ ولا رِكِابٍ، مِمّا أفاءَ الله على المُسلِمين (١).

قال: ويُجعلُ الخُمُسُ والفيءُ جميعًا في بيتِ المالِ. قال: ويُعطى أقرِباءُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على ما يَرَى الإمامُ ويجتهِدُ في ذلك، فإن تكافَأ أهلُ البُلدانِ في الحاجَةِ، بُدِئَ بالذينِ فيهمُ المالُ، وإن كان بعضُ البُلدانِ أشدَّ حاجةً، نُقِلَ إليهم أكثرُ المالِ. وكان مالكٌ يرى التَّفضيل في العَطاءِ على قدرِ الحاجةِ، ولا يُخْرَجُ عندَهُ مالٌ من بلدٍ إلى غيرِهِ، حتَّى يُعطَى أهلُهُ ما يُغنيهِم على وجهِ النَّظرِ والاجتِهادِ.

قال: ويجُوزُ أن يُجيزَ الوالي على وجهِ الدَّينِ، أو لأمرٍ يَراهُ، قدِ استحقَّ به الجائزةَ.

قال: والفيءُ حلالٌ للأغنياء (٢).

وقال الشّافِعيُّ: يُقْسَمُ الخُمُسُ على خمسةِ أسهُم (٣). وهُو قولُ الثَّوريِّ وجماعةٍ، قالوا: سهمُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من الخُمُسِ، خُمُسُ الخُمُسِ، وما بَقِي للطَّبقاتِ الذين سمّاهُمُ الله، وسَهْمُ ذي القُربى عندَهُم باقٍ لقَرابةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ (٤): يُقسَمُ الخُمُسُ على ثلاثةِ أسْهُم: للفُقراءِ، والمساكينِ، وابنِ السَّبيلِ، وأسْقَطُوا سهمَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وسهمَ ذي القُربى بعدَهُ. وزعمُوا أنَّ سهمَ ذي القُربى كان لإدخالِ السُّرُورِ على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حَياتِهِ وقَرابَتِهِ، لأنَّهُ مُضمَّنٌ فيه، فلمّا ماتَ ارتفَعَ سهمُهُ، وسهمُ قَرابتِهِ. واحتجُّوا باتِّفاقِ الخُلفاءِ الرّاشِدين الأربعةِ، على مَنْع قَرابةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) انظر: الاستذكار ٥/ ٨٠.
(٢) انظر: المدونة الكبرى ١/ ٣٤٩.
(٣) انظر: الاستذكار ٥/ ٨١. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٤) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٥١١ (١٦٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>