للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالِ الصِّغَرِ، إلى حالٍ يُمكِنُ فيها طَلبُ الوُثُوبِ على الأُنثَى للنَّسلِ، وهُو عِندُهُم للكَلبِ إذا فعَلَهُ، علامةُ بُلُوغِهِ إلى حالِ الاحْتِلام من الرِّجالِ، ولا يرفَعُ رِجلهُ للبَوْلِ، إلّا وهُو قد بلغَ ذلك المبلغ، يُقالُ منهُ: شغَرَ الكلبُ يشغَرُ شغرًا، إذا رفعَ رِجلهُ فبالَ، أو لم يُبُل، ويُقالُ: شغَرتُ بالمرأةِ أشْغَرُها شغرًا، إذا رفعتَ رِجْلَيها للنِّكاح، فهذا معنى الشِّغارِ في اللُّغةِ.

وأمّا معناهُ في الشَّريعةِ، فأن يُنكِحَ الرَّجُلُ رجُلًا وليَّتهُ، على أن يُنكِحهُ الآخرُ وليَّتهُ بلا صَداقٍ بينهُما، على ما قالهُ مالكٌ وجماعةُ الفُقهاءِ، وكذلك ذكَرهُ الخليلُ في كِتابِهِ (١) أيضًا.

وأجمَعَ العُلماءُ على أنَّ نِكاح الشِّغارِ مَكْرُوهٌ لا يجُوزُ، واختلفُوا فيه إذا وقَعَ، هل يصِحُّ بمَهرِ المِثلِ أم لا.

فقال مالكٌ: لا يصِحُّ النِّكاحُ في الشِّغارِ، دخَلَ بها أو لم يدخُل، ويُفسَخُ أبدًا. وكذلكَ لو قال: أُزوِّجُكَ ابنتي، على أن تُزوِّجني ابنتكَ بمئةِ دينارٍ، ولا خيرَ في ذلك (٢).

قال ابنُ القاسم: لا يُفسَخُ النِّكاحُ في هذا إن دخَلَ، ويثبُتُ بمَهْرِ المِثلِ، ويُفسَخُ في الأوَّلِ، دخَلَ أو لم يدخُل، على ما قال مالكٌ (٣).

وقال الشّافِعيُّ (٤): إذا لم يُسمِّ لواحدةٍ منهُما مَهْرًا، وشرَطَ أن يُزوِّجهُ ابنَتهُ، على أن يُزوِّجهُ الآخَرُ ابنتَهُ، وهُو يَلي أمرَها، على أنَّ صداقَ كلِّ واحدةٍ منهُما، بُضْعُ الأُخرى، ولم يُسمِّ صَداقًا، فهذا الشِّغارُ، ولا يصِحُّ ويُفسَخُ. قال: ولو سُمِّي


(١) انظر: العين ٤/ ٣٥٨.
(٢) انظر: المدونة ٢/ ٩٨.
(٣) المدونة ٢/ ١٠٠.
(٤) انظر: الأم ٥/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>