للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الوَليمةِ، بدليلِ ما في حديثِ مالكٍ، وعُبيدِ الله من ذِكرِ ذلك، ومن ذهَبَ إلى أنَّ الوَليمةَ وغيرَها في إجابةِ الدَّعوةِ إليها سَواءٌ، احتجَّ بظاهِرِ قولِهِ: "أجيبُوا الدَّعوةَ"، فأخذَ بعُمُوم هذا اللَّفظِ، وجعلَ ذِكرَ الوَليمةِ في حديثِ مالكٍ ومن تابَعهُ، كأنَّهُ خرجَ على جَوابِ السّائلِ عن إجابةِ دَعْوة (١) الوَليمةِ.

قالوا: وليسَ (٢) في ذلكَ ما يُوجِبُ الاقتِصارَ على الوَليمةِ دُونَ غيرِها، كأنه - صلى الله عليه وسلم - سُئلَ عمَّن دُعِيَ إلى الوَليمةِ، فقال: ليأتِها من دُعِيَ إليها، ولو سُئلَ عن غيرِها أيضًا لقال مِثلَ ذلك، بدليلِ الآثارِ المروَّيةِ عنهُ في هذا البابِ، وقد ذكَرْناها في بابِ إسحاق بن أبي طَلْحةَ من كِتابِنا هذا.

واستدلَّ أيضًا من ذهَبَ هذا المَذْهبَ بحديثِ مَعْمرٍ، عن أيُّوبَ، عن نافع، عن ابنِ عُمر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دَعا أحدُكُم أخاهُ فليُجِبْ، عُرْسًا كان أو دَعْوةً" (٣). قالوا: ففي هذا الحديثِ التَّسْويةُ بين الوَلِيمةِ وغيرِها، وقد ذكَرْنا القائلينَ بهذه الأقوالِ في بابِ ابنِ شِهاب، عن الأعْرج، من كِتابِنا هذا.

وقال قائلُونَ من أهلِ العِلم: من دُعي إلى وَليمةٍ فليُجِبْ، وليأكُلَ إن كان مُفطِرًا، وإن كان صائمًا فليَدْعُ، ولا يَدَع الأكل إلّا أن يكونَ صائمًا، إذا كان الطَّعامُ مِمّا يحِلُّ أكلُهُ. واحتجُّوا بحديثِ ابنِ سيرينَ، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "إذا دُعِيَ أحدُكُم فلْيُجِب، فإن كان مُفطِرًا فليأكُل، وإن كان صائمًا فلْيُصلِّ"، يقولُ: فليَدْعُ (٤).

حدَّثنا سعيدُ بن نصرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ، قال:


(١) سقطت هذه اللفظة من م.
(٢) في م: "أو ليس".
(٣) سلف بإسناده قريبًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٤) في م: "وليدع".

<<  <  ج: ص:  >  >>