للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّنْعانيُّ، قال: سمِعتُ النعمانَ، يعني ابنَ المُنذر (١) الصَّنْعانيَّ، يقول: عن طاووس، عن ابنِ عباس، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كلُّ مُخَمَّرٍ خمرٌ، وكلُّ مسكرٍ حرامٌ". وذكَر تمامَ الحديث.

وهذه كلُّها نُصوصٌ في موضِع الخلافِ لمَن أراد اللَّهُ في المُسْكِرِ أن يَهدِيَه ويشرَحَ صَدْرَه. والآثارُ في تحريم ما أسْكَرَ كثيرُه كثيرةٌ جدًّا يطُولُ الكتابُ بذكْرِها، وقد ذكَرها جماعةٌ من العلماء؛ منهم ابنُ المباركِ وغيرُه، وقال أحمدُ بنُ شُعَيب في "كتابه": إنَّ أوَّلَ مَن أحَلَّ المُسْكِرَ من الأنبذةِ إبراهيمُ النَّخَعيُّ. وهذه زَلَّةٌ من عالم، وقد حُذِّرْنا من زَلَّةِ العالم، ولا حُجَّةَ في قولِ أحدٍ مع السُّنة.

وقد زَعَمَت طائفةٌ أنَّ أبا جعفرٍ الطحاويَّ، وكان إمامَ أهلِ زمانِه، ذهَب إلى إباحةِ الشُّربِ من المُسْكِرِ ما لم يُسْكِرْ (٢)، وهذا لو صَحَّ عنه، لم يُحتَجَّ به


= التقريب (٢٢٣): "مستور"، وليس هو بابن كيسان الثقة، فكلاهما من صنعاء اليمن، وقد توهَّم ابن القطّان الفاسيّ في بيان الوهم والإيهام ٥/ ٤١١ فصحَّح السند على مقتضى أنه ابن كيسان الثقة، فقال: "وليس هذا الحديث عندي بضعيف، بل هو صحيح" فوقع هو في الوهم لا عبد الحقّ الإشبيليّ! وينظر: العلل لابن أبي حاتم ٤/ ٤٨٦ (١٥٨٧) حيث ساقه بتمامه، ونقل عن أبي زرعة الرازي قوله: "هذا حديثٌ منكرٌ"، قلنا: وهذا المعنى الذي اقتصر المصنِّف على ذكره من هذا الحديث الضعيف، فإن ما سلف بأسانيد أجود منه يُغني عنه.
(١) هكذا في النسخ، وما أظنه إلا وهمًا، فالمحفوظ، أنه النعمان بن أبي شيبة، واسم أبي شيبة عبيد، كما في تهذيب الكمال ٢٩/ ٤٥٠. ووقع في العلل لابن أبي حاتم: "النعمان بن الزبير" (٤/ ٤٨٦).
(٢) يشير بذلك إلى ما شَنَع عليه ابن حزم الظاهري في كتابه المحلّى ٦/ ٤٨٠ - ٥٠٥، فقد أسهَبَ في الردِّ على ما تأوَّله من كلام الطحاوي في هذا الباب الآتي على ذكره المصنِّف قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>