للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبُّ إلى الله، فقال: "الصلاةُ في وَقْتِها" (١)، ورُوي: "في أوَّلِ وَقْتِها".

وفيه: تحقير للدُّنيا، وأنَّ قليلَ عَملِ البِرِّ خيرٌ من كَثيرٍ من الدُّنْيَا، فالعاقِلُ العالِمُ بمِقدارِ هذا الخِطابِ، يحزَنُ على فَواتِ صَلاةِ العَصْرِ إن لم يُدرِكْ منها ركعةً قبلَ غُرُوبِ الشَّمسِ، أو قبلَ اصفِرارِها، فوقَ حُزنِهِ على ذِهابِ أهلِهِ ومالِهِ، وما توفيقي إلّا بالله.

وقد ذكَرْنا ما للعُلماءِ في آخِرِ وقتِ العَصْرِ من الأقوالِ والاعْتِلالِ في بابِ زيدِ بن أسلَمَ من كِتابِنا هذا، فلا وجهَ لإعادتِهِ هاهُنا.

وحُكمُ صلاةِ الصبح وسائرِ الصلواتِ في فَواتِها كذلكَ إن شاءَ الله. وقد يحتمِلُ أن يكونَ هذا الحديثُ خرجَ على جَوابِ السّائلِ عمَّن تَفُوتُهُ صلاةُ العصرِ، فلا يكونَ غيرُها بخِلافِ حُكمِها في ذلكَ. ويحتمِلُ أن يكونَ خُصَّت بالذِّكرِ لأنَّ الإثمَ في تَضْييعِها أعظمُ، والتَّاويلُ الأوَّلُ أُولى، والله أعلمُ.

وقدِ احتجَّ بهذا الحديثِ من ذهَبَ إلى أنَّ الصَّلاةَ الوُسْطَى صَلاةُ العصِر، فقال: خصَّها رسُولُ الله بالذِّكرِ، من أجْلِ أنَّ الله خَصَّها بقولِهِ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] فجمَعَها في قولِهِ: {الصَّلَوَاتِ} ثُمَّ خصَّها بالذِّكرِ تَعْظيمًا لها، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ}


= والحاكم في المُسْتَدْرَك ١/ ١٣٠، والبيهقي في الكبرى ١/ ٨٢، من حديث سالم بن أبي الجَعْد، عن ثوبان. وانظر: المسند الجامع ٣/ ٣١٥ - ٣١٦ (٢٠١٦)، وهو مُنْقَطِعٌ، فإنَّ سالمًا لم يسمع من ثوبان. ولكن رواه الدَّارِمي (٦٥٦)، ومحمد بن نصر المَرْوَزِيّ في تعظيم قدر الصَّلاة (١٦٧)، والطبراني في الكبير (١٤٤٤) من طريق أبي كبشة السلولي عن ثوبان، وسنده حسن.
(١) أخرجه أحمد في مسنده ٧/ ٥ (٣٨٩٠)، والبخاري (٥٢٧، ٥٩٧٠، ٧٥٣٤)، ومسلم (٨٥)، والنَّسَائي في المجتبى ١/ ٢٩٢، وفي الكبرى ٢/ ٢٢٧ (١٥٩٣)، وابن خُزَيْمَة (٣٢٧)، وأبو عوانة (١٠٠٣)، وابن حِبَّان ٤/ ٣٤١ (١٤٧٧) من حديث ابن مسعود. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٥٠٦ - ٥٠٧ (٨٩٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>