للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يجُوزُ أن يكونَ النَّهيُ عن ذلكَ قُصدَ به إلى ألّا يترُكَ المرءُ صَلاةَ العصرِ إلى غُرُوبِ الشَّمسِ، ولا يترُكَ صَلاةَ الصُّبح إلى حينِ طُلُوعِها، ثُمَّ يقومَ فيُصلِّي في ذينِكَ الوَقْتينِ، أو أحَدِهِما، قاصِدًا لذلكَ عامِدًا مُفرِطًا، وليسَ ذلك لمن نامَ أو نَسِيَ فانْتَبه، أو ذكَرَ في ذلك الوَقْتِ؛ لأنَّ مَن عَرضَ لهُ مِثلُ ذلك، فليس بمُتَحرٍّ للصَّلاةِ في ذلك الوقتِ، ولا قاصِدًا إليها، وإنَّما هُو رَجُل ذكَرَها بعد (١) نِسيانٍ، أوِ انْتَبهَ إليها، ولم يتَحرَّ (٢) القَصْدَ بصلاتِهِ ذلك الوقت، وإنَّما المُتحرِّي بصلاتِهِ ذلكَ الوقتَ المُتطوِّعُ بالصَّلاةِ في ذلكَ الوقتِ، أوِ التّارِكُ عامِدًا صَلاتَهُ إلى ذلك (٣) الوقتِ، وعن هذا جاءَ النَّهيُ مُجرَّدًا، وعليه اجتمَعَ عُلماءُ المُسلِمينَ، فأمّا الفَرْضُ في غيرِ تَفْريطٍ، فليس بداخِلٍ في هذا البابِ، بدليلِ قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرَكَ رَكْعةً من الصُّبح قبلَ أن تطلُعَ الشَّمسُ، فقد أدركَ الصُّبح، ومن أدركَ رَكْعةً من العَصْرِ قبلَ أن تغرُبَ الشَّمسُ، فقد أدرَكَ العَصْرَ" (٤)، ومعلُومٌ أنَّ من أدركَ رَكْعةً من الصُّبح قبلَ الطُّلُوع، أو رَكْعةً من العصرِ قبل الغُرُوبِ، فقد صلَّى صَلاتهُ عندَ طُلُوع الشَّمسِ، وعندَ غُرُوبِها.

ودليلٌ آخرُ، قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "من نامَ عن صَلاة (٥) أو نَسِيها، فلْيُصلِّها إذا ذكَرَها، فذلكَ وقتُها، فإنَّ اللهَ يقولُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (٦) [طه: ١٤]، لم يخُصَّ وقتًا من وقتٍ.


(١) سقطت هذه اللفظة من الأصل.
(٢) في الأصل: "ينو"، والمثبت من بقيَّة النسخ.
(٣) في الأصل: "لذلك"، والمثبت من بقيَّة النسخ.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٦ (٥) من حديث أبي هريرة.
(٥) في الأصل: "الصَّلاة"، والمثبت من بقيَّة النسخ.
(٦) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٥ - ٤٦ (٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>