للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كلُّهُ يُوضِّحُ أنَّ قولَه - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتحرَّى أحدُكُم فيُصلِّي عندَ طُلُوع الشَّمسِ، ولا عندَ غُرُوبِها" إنَّما أرادَ به التَّطوُّعَ والنَّوافِلَ، والتَّعمُّدَ لتركِ الفرائضِ، فاعلَمْهُ. وقد مَضَى القولُ مُسْتوعبًا في هذا المعنى، بما للعُلماءِ في ذلكَ من التَّنازُع، ووُجُوهِ أقوالِهِم، في بابِ زيدِ بن أسلمَ، في مَوْضِعينِ منهُ، أحدُهُما: عن بُسرِ بن سَعِيدٍ والأعرج وعطاءِ بن يَسارٍ عن أبي هُريرةَ، والآخَرُ: عن عَطاءِ بن يَسارٍ عن الصُّنابِحيِّ، ومَضَى القولُ في الصَّلاةِ بعدَ الصُّبح والعصرِ، في بابِ محمدِ بن يحيى بن حَبّان، فلا وجهَ لإعادةِ شيءٍ من (١) ذلك هاهُنا.

ولا أعلمُ خِلافًا بين العُلماءِ، المُتقدِّمينَ منهُم والمُتأخِّرينَ: أنَّ صَلاةَ التَّطوُّع والنَّوافِل، كلُّها غَيرُ جائزٍ شيءٌ منها أن تُصلَّى عندَ طُلُوع الشَّمسِ ولا عندَ غُرُوبِها، وإنَّما اختَلَفُوا في الصَّلواتِ المفرُوضاتِ المُتعيِّناتِ، والمفرُوضاتِ على الكفاية (٢)، والصَّلواتِ المَسْنُوناتِ، مِمّا كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُواظِبُ عليه ويَفْعلُهُ، ويندُبُ أُمَّتَهُ إليه، هل يُصلَّى شيءٌ من ذلك عندَ طُلُوع الشَّمسِ وغُرُوبِها أوِ اصْفِرارِها، وبعدَ (٣) الصُّبح والعَمْرِ، أم لا؟ وقد ذكَرْنا ذلك كلَّهُ في المَواضِع الَّتي سَمَّيناها (٤) من كِتابِنا هذا، والحمدُ لله.


(١) في م: "في".
(٢) في م: "كفاية".
(٣) في ض، ظا، م: "أو بعد"، والمثبت من الأصل.
(٤) في م: "سمينا"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>