للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مَوْضِعٌ اختلَفَ العُلماءُ فيه (١)، فذهَبَ مالكٌ، والأوزاعيُّ، واللَّيثُ بن سَعْدٍ، على اختِلافٍ عنهُ، إلى أنَّ الغُسلَ لا يكونُ للجُمُعةِ إلّا عندَ الرَّواح إليها، مُتَّصلًا بالرَّواح.

وقد رُوي عن الأوزاعيِّ: أَنَّهُ يُجزِئُهُ أن يغتسِلَ قبلَ الفجرِ للجَنابةِ والجُمُعةِ.

وذهبَ الشّافعيُّ وأبو حنيفةَ والثَّوريُّ، إلى أنَّ منِ اغتسَلَ للجُمُعةِ بعدَ الفجرِ، أجْزَأهُ من غُسْلِها. وهُو قولُ الحسنِ البصريِّ، وإبراهيمَ النَّخَعيِّ (٢). وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، والطَّبريُّ. وهُو قولُ عبدِ الله بن وَهْب صاحِبِ مالكٍ.

وقال أبو يوسُفَ (٣): إذا اغتسلَ بعد الفَجْرِ، ثُمَّ أحدَثَ فتوضَّأ، ثُمَّ شهِدَ الجُمُعةَ، لم يكُن كمَنْ شهِد الجُمُعةَ على غُسلٍ.

قال أبو يوسُف: إن كان الغُسلُ ليوم، فاغتسلَ بعد الفَجْرِ، ثُمَّ أحدَثَ فصلَّى الجُمُعةَ بوُضُوءٍ، فغُسلُهُ تامٌّ، وإن كان الغُسلُ للصَّلاةِ، فإنَّما شهِدَ الجُمُعةَ على وُضُوء.

وقال مالكٌ: مَنِ اغتسَلَ للجُمعةِ (٤) عندَ الرَّواح، ثُمَّ أحدَثَ فتوضَّأ وشهِدَ الجُمُعةَ، أجزأهُ غُسلُهُ، وإنِ اغتسلَ أوَّل النَّهارِ ويُريدُ به الجُمُعةَ، لم يُجزِئه من غُسلِ الجُمُعةِ.

وقال الثَّوريُّ: إذا اغتسلَ يومَ الجُمُعةِ من جَنابةٍ أو غيرِها أجْزَأهُ من غُسلِ الجُمُعةِ. فهذا يدُلُّ على أنَّ الغُسلَ عندَهُ لليوم، لا للرَّواح إلى الجُمُعةِ.


(١) انظر عن اختلاف أهل العلم في الغسل يوم الجمعة: الإشراف لابن المنذر ٤/ ٣٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٥٨.
(٢) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٥٠٨٠).
(٣) مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٥٨ (٧٤)، والاستذكار ٢/ ١٨، وكذلك الآراء الآتية بعد.
(٤) هذه الكلمة سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>