للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجزِئُ عنهُ. وقد بيَّنّا هذه المعانيَ من أقوالِهِم فيما سلَفَ من كِتابِنا هذا عِند ذِكرِ حديثِ ابنِ شِهاب، عن سالم.

واختلَفَ الفُقهاءُ فيمنِ اغتسلَ للجُمُعةِ وهُو جُنُبٌ، ولم يذكُر جَنابتَهُ. فذَهَبت طائفةٌ من أهلِ العِلم، إلى أنَّ ذلكَ يُجزِئُ من غُسْلِ الجنابةِ، وإن لم ينوِ الجَنابةَ وكان ناسيًا لها، ومِمَّن ذهَبَ إلى هذا من أصحابِ مالك (١): ابنُ كِنانةَ، وأشْهَبُ، وابنُ وَهْب، ومُطرِّفٌ، وابنُ نافع. وهؤُلاءِ من جلَّةِ أصحابِ مالكٍ. وبه قال أبو (٢) إبراهيم المُزنيُّ صاحِبُ الشّافِعيِّ، وإليه ذهَبَ (٣).

وقالت طائفةٌ أُخرَى من أهلِ العِلم: إنَّ ذلكَ لا يُجزِئُهُ حتَّى يَنْويَ غُسلَ الجَنابةِ، ويكونَ ذاكِرًا لجَنابتِهِ، قاصِدًا إلى الغُسلِ منها. ومِمَّن ذهَبَ إلى هذا: ابنُ القاسم، وحَكاهُ ابنُ عبدِ الحكم، عن مالكٍ. وهُو قولُ الشّافِعيِّ وأكثرِ أصحابِهِ، وإليه ذهَبَ داودُ بن عليٍّ.

ولم يختلِفْ قولُ مالكٍ وأصحابِهِ: أنَّ منِ اغتسلَ للجنابةِ لا يَنْوي الجُمُعةَ مَعَها، أَنَّهُ غيرُ مُغتسِلٍ للجُمُعةِ، ولا يُجزِئُهُ من غُسلِ الجُمُعةِ، إلّا شيءٌ رُوي عن أشْهَب بن عبدِ العزيزِ، أَنَّهُ قال: يُجزئهُ غُسلُ الجنابةِ من غُسلِ الجُمُعةِ. ذكرهُ محمدُ بن عبدِ الله بن عبدِ الحكم، عن أشهب. وكذلكَ ذكر البرقيُّ، عن أشْهَبَ.

وقال عبدُ العزيزِ بن أبي سَلَمةَ، والثَّوريُّ، والشّافِعيُّ، واللَّيثُ بن سعدٍ، والطَّبريُّ: المُغتسِلُ للجنابةِ يوم الجُمُعةِ يُجزِئُهُ من غُسلِ الجُمُعةِ، ومِن الجَنابةِ جميعًا، إذا نوى غُسلَ الجنابةِ، وإن لم ينوِ الجُمُعةَ.


(١) قوله: "من أصحاب مالك" لم يرد في م.
(٢) هذا الحرف سقط من م.
(٣) انظر: الاستذكار ٢/ ١٩، وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>