للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدَّمنا عنهُم في بابِ أيُّوبَ من هذا الكِتابِ، فقولُ من راعَى حُرُوفَ الِهجاءِ، وما يُفهَمُ من الكلام، أصحُّ الأقاويلِ، إن شاءَ الله.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: "فإنَّ اللهَ قِبَلَ وجهِهِ إذا صلَّى" فكلامٌ خرَجَ على التَّعظيم لشَأنِ القِبلةِ وإكرامِها، واللّه أعلمُ، والآثارُ تدُلُّ على ذلكَ، مع النَّظرِ والاعتِبارِ.

وقد نزَعَ بهذا الحديثِ بعضُ من ذهَبَ مذهبَ المُعتزِلَةِ، في أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ في كلِّ مكانٍ، وليسَ على العَرْشِ.

وهذا جَهلٌ من قائلِهِ؛ لأنَّ في الحديثِ الذي جاءَ فيه النَّهيُ عن البُزاقِ في القِبْلةِ: أنَّهُ يبزُقُ تحتَ قَدمِهِ، وعن يَسارِهِ، وهذا ينقُضُ ما أصَّلُوهُ في أنَّهُ في كلِّ مكانٍ، وقد أوضَحْنا هذا المعنَى في بابِ ابنِ شِهاب، عن أبي سَلَمةَ، وأبي عبدِ الله الأغرِّ، والحمدُ للّه.

قرأتُ على عبدِ الوارثِ بن سُفيانَ وسعيدِ بن نَصْرٍ جميعًا، أنَّ قاسمَ بن أصبَغَ حدَّثهُم، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله الأنصاريُّ، قال: حدَّثنا حُميدٌ، عن أَنَسٍ، قال: رأى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نُخاعَةً في المسجدِ، فشقَّ ذلك عليه، حتَّى عَرَفنا ذلك في وَجْهِهِ، فحكَّهُ وقال: "إنَّ أحَدَكُم، أو إنَّ المرءَ، إذا قامَ إلى الصَّلاةِ، فإنَّهُ يُناجي ربَّهُ، أو إنَّ ربَّهُ بينَهُ وبينَ قِبْلتِهِ، فليبزُق إذا بزَقَ، عن يَسارِهِ، أو تحتَ قَدَمِهِ" (١).

وحدَّثنا عبدُ الوارثِ وسعيدُ بن نصرٍ، قالا: حدَّثنا قاسمٌ (٢)، قال: حدَّثنا


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢٠/ ٢٨٢ (١٢٩٥٩) من طريق محمد بن عبد الله، به. وأخرجه الحميدي (١٢١٩)، والبخاري (٤٠٥، ٤١٧)، وابن الجارود في المنتقى (٥٩)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٥٥، والبغوي في شرح السنة (٤٩١) من طريق الحميدي، به. وانظر: المسند الجامع ١/ ٢٤٩ - ٢٥٠ (٣٢٨).
(٢) قوله: "حدثنا قاسم" سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>