للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بكّارٌ: وحدَّثنا أبو داود الطَّيالِسيُّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن إبراهيم، قال: سمِعتُ الحسنَ يقولُ: يأكُلُ ولا يُفسِدُ، ولا يحمِلُ.

وقد يحتمِلُ أن يكونَ هذا كلُّهُ في أهلِ الذِّمَّةِ في ذلكَ الوقتِ.

حدَّثنا أحمدُ بن عبدِ الله، قال: حدَّثنا مَسْلمةُ، قال: حدَّثنا محمدُ بن زبّان (١)، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا الحارِثُ بن مِسكينٍ، قال: سمِعتُ أشْهَب بن عبدِ العزيزِ يقولُ: خَرَجنا مُرابِطين إلى الإسكندريَّةِ، فمَرْرنا بجِنانِ اللَّيثِ بن سَعْدٍ، فدخَلْنا فأكلنا من الثَّمرِ، فلمّا أنْ رَجَدتُ، دَعَتني نفسي إلى أن أسْتَحِلَّ من اللَّيثِ، فدخَلتُ إليه، فقلتُ: يا أبا الحارِثِ، إنّا خرجنا مُرابِطين، ومَرَرنا بجِنانِكَ، فأكَلْنا من الثَّمرِ، وأحَبْبنا أن تجعلَنا في حِلٍّ، فقال لي اللَّيثُ: يا ابنَ أخِي، لقد نسَكتَ نُسُكًا أعجميًّا، أما سمِعتَ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: {أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: ٦١]، فلا بأسَ أن يأكُل الرَّجُلُ من مالِ أخيهِ الشَّيءَ التّافِه، الذي يَسُرُّهُ بذلكَ (٢).

وهذا الحديثُ يُسوِّي بين اللَّبنِ، وبين سائرِ الطَّعام والمالِ في التَّحريم، واللّه أعلمُ، فلا فرقَ بين المُضطرِّ إن شَرِبَ اللَّبن أو غيرهُ من الطَّعام، إذا لم يجِدِ الميتةَ، أو وجَدَها ووجد اللَّبنَ، أو غيرَهُ من سائرِ مالِ المُسلِم، أوِ الذِّمِّيِّ، يَسْتوي فيه المُضطرُّ في اللَّبن وغيرِهِ، من جميع المأكُولِ كلِّهِ، ولا يحِلُّ شيءٌ منهُ إلّا على الوُجُوهِ التي بها تحِلُّ الأملاكُ، وللمُضْطرِّ إلى مالِ المُسلِم، ماءً كان أو طعامًا، حُكمٌ ليس هذا موضِعَ ذِكرِهِ.


(١) في م: "بن زيان". وهو تصحيف. انظر: الإكمال لابن ماكولا ٤/ ١١٥، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٤/ ٢٤٥.
(٢) ذكره ابن رشد في البيان والتحصيل ١٧/ ٢٧٣، والمؤلف في الاستذكار ٨/ ٥٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>