للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَبنِ إبِلِهِ؟ فقال ابنُ عبّاسٍ: إن كُنتَ تَبْغي ضالَّةَ إبِلِهِ، وتَهْنأُ جرباها، وتَلُطُ حَوْضها، وتَسْقيها يوم وِرْدِها، فاشرَبْ غيرَ مُضِرٍّ بنَسْلٍ، ولا ناهِكٍ في الحَلْبِ. ولم يَذْكُر قولَ القاسم (١).

وفي هذا الحديثِ أيضًا ما يدُلُّ على أنَّ من حلَبَ من ضَرْع الشّاةِ أوِ البَقَرةِ أوِ النّاقةِ، بعد أن يكونَ في حِرزٍ ما يبلُغُ قِيمتُهُ ما يجِبُ فيه القطعُ، أنَّ عليه القَطْعَ؛ لأنَّ الحديثَ قد أفصحَ بأنَّ الضُرُوع خَزائنُ للطَّعام، ومعلُومٌ أنَّ من فتحَ خِزانةَ غَيرِهِ أو كَسَرها فاسْتَخرجَ منها من المالِ، الطَّعام أو غيرِه، ما يبلُغُ ثلاثةَ دراهِم، أنَّهُ يُقطَعُ، فإذا كان القَطْعُ يجِبُ على من سرقَ الشّاةَ نفسَها من مُراحِها وحِرْزِها، ولم تكُن حَرِيسةَ جَبَل، فاللَّبنُ بذلكَ أولى، واللّه أعلمُ.

وقد مَضَى ذِكرُ مَعاني الحِرْزِ عندَ العُلماءِ، في بابِ ابنِ شِهاب، عندَ ذِكرِ سَرِقةِ رِداءِ صَفْوان بن أُميَّةَ (٢). فلا معنَى لإعادةِ ذلك هاهُنا، إلّا أنَّ الشّاةَ إذا لم تَكُن في حِرْزٍ، فلَبَنُها تَبعٌ لها.

ومن هذا البابِ: بيعُ الشّاةِ اللَّبُونِ بالطَّعام؛ لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال في هذا الحديثِ: "فإنَّما تَخْزُنُ لهم ضُرُوعُ مَواشيهِم أطعِماتِهِم (٣) "، فجعَلَ اللَّبن طعامًا.

وقدِ اختلفَ الفُقهاءُ في بيع الشّاةِ اللَّبُونِ باللَّبنِ، وبِسائرِ الطَّعام نَقْدًا، وإلى أجَلٍ.

فذهَبَ مالكٌ وأصحابُهُ: إلى أنَّهُ لا بأسَ بالشّاةِ اللَّبُونِ باللَّبنِ يَدًا بيدٍ، ما لم يَكُن في ضَرْعِها لبنٌ، فإذا كان في ضَرْعِها لَبنٌ، لم يجُز يدًا بيدٍ باللَّبنِ، من أجلِ


(١) في الأصل: "ابن القاسم"، خطأ، فهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
(٢) وهو في الموطأ ٢/ ٣٩٧ - ٣٩٨ (٢٤١٦).
(٣) في الأصل: "أطعامهم"، والمثبت من بقية النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>