للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يركبَ ذلكَ الرَّهن، وتكونُ عليه نفقةُ الدّابَّةِ، أوِ البَقَرةِ، أو رَعيُها، أو رَعْيُ الشّاةِ، أو نَفَقتُها.

ومِمَّن ذهَبَ إلى هذا: أحمدُ بن حَنْبل، وإسحاقُ بن راهُوية، وحُجَّتهم حديثُ الشَّعبيِّ، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الرَّهنُ مركُوبٌ ومحلُوبٌ". وبعضُ رُواتِهِ يقولُ فيه: "الرَّهنُ يُركَبُ ويُحلبُ (١) بقدرِ نَفَقتِهِ، وعلى الذي يَرْكبُ ويحلِبُ نَفَقتُهُ" (٢).

وهذا الحديثُ عندَ جُمهُورِ الفُقهاءِ، ترُدُّهُ أُصُولٌ مُجتَمعٌ (٣) عليها، وآثارٌ ثابِتةٌ لا يُختلَفُ في صِحَّتِها. وقد أجمعُوا أن ليسَ الرَّهنُ وظهر للرّاهِنِ. ولا يخلُو من أن يكونَ احتِلابُ المُرتهِنِ لهُ، بإذنِ الرّاهِنِ، أو بغيرِ إذنِهِ.

فإن كان بغيرِ إذنِهِ، ففي حديثِ ابنِ عُمرَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحتلِبنَّ أحدٌ ماشِيةَ أحدٍ، إلّا بإذنِهِ" ما يرُدُّهُ ويَقْضي بنَسْخِهِ، مع ما ذكَرْنا من تحريم مالِ المُسلِم، إلّا عن طِيبِ نَفْس.

وإن كان بإذنِهِ، ففي الأُصُولِ المُجتَمع عليها في تحريم المجهُولِ، والغَررِ، وبيع ما ليسَ عِندكَ، وبيع ما لم يُخلَق، ما يرُدُّ ذلك أيضًا.

وفيما ذكَرْنا صِحَّةُ ما ذهَبَ إليه أصحابُنا، وجُمهُورُ الفُقهاءِ في حديثِ أبي هُريرةَ: "الرَّهنُ يُركبُ، ويُحلبُ بنَفقتِهِ" أَنَّهُ منسُوخٌ، وأنَّ ذلكَ كان قبلَ نُزُولِ تحريم الرِّبا، واللّه أعلمُ.


(١) في الأصل، ض، م: "أو يحلب".
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ١٢/ ٢٣ (٧١٢٥)، والبخاري (٢٥١١، ٢٥١٢)، وأبو داود (٣٥٢٦)، وابن ماجة (٢٤٤٠)، والترمذي (١٢٥٤)، وابن حبان ١٣/ ٢٦١ (٥٩٣٥) من طريق الشعبي، به. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٣١٥ - ٣١٦ (١٣٦٩٢).
(٣) في م: "يجتمع".

<<  <  ج: ص:  >  >>