للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافِعيُّ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُهُم (١): لا يجُوزُ بيعُ الشّاةِ اللَّبُونِ بالطَّعام إلى أجَل. ولا يجُوزُ عندَ الشّافِعيِّ بيعُ شاةٍ في ضَرْعِها لبنٌ بشيءٍ من اللَّبنِ، لا يدًا بيدٍ ولا إلى أجَل، ولكلِّ واحدٍ منهُم حُجَجٌ من طَريقِ النَّظرِ والاعتِبارُ يطُولُ ذِكرُها.

والأصلُ في هذا البابِ المُزابنةُ، فما لا يجُوزُ إلّا مِثلًا بمِثلٍ، لم يَجُز أن يُباعَ منهُ معلُومٌ بمجهُول، وما وقعَ عليه اسمُ طعام، فلا يجُوزُ أن يُباعَ منهُ شيءٌ بشيءٍ إلى أجَلٍ، جازَ فيه التَّفاضُلُ أو لم يجُز؛ لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن الطَّعام بالطعام (٢)، إلّا يدًا بيد (٣)، فهذا الأصلُ في هذا البابِ لمن وُفِّق وفهِمَ، واللّه المُستعانُ.

وقد رَوَى هذا الحديثَ، عن مالكٍ يزيدُ بن عبدِ الله بن الهادِ شَيْخُهُ؛ حدَّثني أحمدُ بن فَتْح، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ الحسنِ الرّازيُّ، قال: حدَّثنا مِقدامُ بن داودَ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن بكرِ بن مُضرَ، قال: حدَّثني أبي، عن يزيد بن عبدِ الله بن الهادِ، عن مالكِ بن أنَسٍ، عن نافع، عن ابنِ عُمرَ، أَنَّهُ سمِعَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا يَحْتَلِبَنَّ أحدٌ ماشِيةَ أحدٍ إلّا بإذنِهِ، أيُحِبُّ أحدُكُم أن تُؤتَى مَشْرُبتُهُ؟ (٤) "، فذكرهُ حرفًا بحرفٍ.

وفي هذا الحديثِ أيضًا على ما استدلَّ به أصحابُنا وغيرُهُم، ما يرُدُّ ما ذهَبَ إليه من قال: إنَّهُ جائزٌ للمُرتهِنِ الشّاةَ أوِ البَقَرةَ أوِ الدّابَّةَ أن يحلِبَ،


(١) منقول من مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤١.
(٢) هذه اللفظة سقطت من م.
(٣) انظر: الموطأ ٢/ ١٧٣ - ١٧٤ (١٨٨١).
(٤) أخرجه أبو عوانة (٦٤٤٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٤١، والطبراني في الأوسط ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦ (١٩٠٩) من طريق يزيد بن عبد الله، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>