للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "منِ اتَّخذَ كلبًا ليسَ كلبَ صَيْدٍ، ولا ماشِيةٍ، ولا حَرْثٍ، نقصَ من أجرِهِ كلَّ يوم قيراطٌ". وقال: "اقتُلُوا منها كلَّ أسودَ بَهيم (١) " (٢).

وقد ذكَرْنا حديثَ سُفيان بن أبي زُهَيرٍ، في بابِ هشام بن عُرْوةَ؛ لأنَّهُ من رِوايةِ مالك (٣).

وفي معنى هذا الحديثِ تدخُلُ عِندي إباحَةُ اقتِناءِ الكِلابِ للمَنافع كلِّها، ودَفْع المضارِّ، إذا احتاجَ الإنسانُ إلى ذلكَ، إلّا أَنَّهُ مكرُوهٌ اقتِناؤُها في غَيرِ الوُجُوهِ المذكُور في هذه الآثارِ، لنُقصانِ أجرِ مُقْتنيها، واللّه أعلمُ.

وقد أجاز مالكٌ وغيرُهُ من الفُقهاءِ اقْتِناءَ الكِلابِ للزَّرع، والصيدِ، والماشيةِ.

ولم يُجِزِ ابنُ عُمرَ اقتِناءَ الكلابِ للزَّرع (٤)، ووقفَ عندَ ما سمِعَ، وزيادةُ من زادَ في هذا الحديثِ: الحَرْثَ والزَّرعَ، مقبُولةٌ، فلا بأسَ باقتِناءِ الكِلابِ للزَّرع والكَرْم، فإنَّها داخِلةٌ في معنَى الحَرْثِ، وكذلكَ ما كان مِثل ذلكَ، كما يُقتَنى للصَّيدِ والماشيةِ وما أشْبَه ذلكَ، وإنَّما كُرِهَ من ذلكَ اقتِناؤُها لغيرِ مَنْفعةٍ وحاجةٍ وَكيدةٍ، فيكونُ حِينَئِذٍ فيه تَرْويعُ النّاسِ، وامتِناعُ دُخُولِ الملائِكةِ في البَيْتِ، والمَوْضِع الذي فيه الكَلْبُ، فمِن هاهُنا، واللّه أعلمُ، كُرِه اتِّخاذُها.


(١) الأسود البهيم: المصمت الذي لا يخالط لونه لون غيره. انظر: لسان العرب ١٢/ ٥٩، وقال الترمذي: الذي لا يكون فيه شيء من البياض.
(٢) أخرجه الروياني في مسنده (٨٩٢)، وابن حبان ١٢/ ٤٦٦، ٤٦٧ (٥٦٥٠) من طريق حماد بن سلمة، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٢٧/ ٣٤٣ (١٦٧٨٨)، وأبو داود (٢٨٤٥)، وابن ماجة (٣٢٠٥)، والترمذي (١٤٨٦)، والنسائي في المجتبى ٧/ ١٨٥، وفي الكبرى ٤/ ٤٦٥ (٤٧٧٣)، وابن حبان ١٢/ ٤٧٣ (٥٦٥٧) من طريق يونس، به. وانظر: المسند الجامع ١٢/ ٢٦١ - ٢٦٢ (٩٤٧٠)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٣) أخرجه في الموطأ ٢/ ٥٦١ (٢٧٧٧).
(٤) في م: "اقتناءَه للزرع"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>