للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُهُ: فشحَطهُ، أي: قتَله في أعْجَلِ شيءٍ.

فهذا أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ، وابنُ عُمرَ قد عَمِلا بقتل الكِلابِ بعدَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاءَ نحو ذلك، عن عُمرَ وعُثمانَ، فصارَ ذلك سُنَّةً معمُولًا بها عندَ الخُلفاءِ، ولم ينسَخْها عندَ من عمِلَ بها شيءٌ.

وإلى هذا ذهبَ مالكُ بن أنسٍ، قال ابنُ وَهْب: سمِعتُ مالكًا يقولُ في قَتْلِ الكِلابِ: لا أرى بأسًا أن يأمُرَ الوالي بقَتْلِها.

قال أبو عُمر: ظاهِرُ حديثِ ابن (١) عُمرَ وحديثِ جابرٍ يدُلُّ على قَتْلِ جميع الكِلابِ، ولكنَّ الحديثَ في ذلك ليسَ على عُمُومِهِ، لِما قد بانَ في حديثِ ابن شِهاب (٢)، عن سالم، عن ابن عُمرَ، قال: فكانتِ الكِلابُ تُقتلُ، إلّا كلبَ صَيْدٍ أو ماشيةٍ. ومِثلُهُ حديثُ عبدِ الله بن مُغفَّلٍ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بقتلِ الكِلابِ، ورخَّصَ في كلبِ الزَّرع والصَّيدِ.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ السَّلام، قال: حدَّثنا محمدُ بن بشّارٍ، قال: حدَّثنا عُثمانُ بن عُمرَ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي التَّيّاح، عن مُطرِّفِ بن عبدِ الله بن الشِّخِّيرِ، عن عبدِ الله بن مُغفَّل: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بقَتْلِ الكِلابِ، ورخَّصَ في كَلْبِ الزَّرع، وكَلْبِ العَيْنِ. هكذا قال، وقال: "إذا ولَغَ الكلبُ في الإناءِ، فاغسِلُوهُ سبعَ مرّاتٍ، وعَفِّرُوا الثّامِنةَ بالتُّرابِ" (٣).

وقد ذكَرْنا مذاهِبَ العُلماءِ فيمَنْ قتلَ كلبَ زَرْع أو صيدٍ أو ماشيةٍ، عندَ ذِكْرِ بيع الكِلابِ، وذلك في بابِ ابن شِهابٍ عن (٤) أبي بكر بن عبدِ الرَّحمنِ، من هذا الكِتاب.


(١) هذا الحرف سقط من الأصل.
(٢) زاد هنا في الأصل، م: "عن مالك". خطأ.
(٣) تقدم تخريجه والكلام عليه في ٦/ ٨٤.
(٤) في م: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>