للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرُونَ: أمرُهُ - صلى الله عليه وسلم - بقتلِ الكِلابِ، مَنْسُوخٌ بإباحتِهِ اتِّخاذَ ما كان منها للماشيةِ والصيدِ والزَّرع. واحتجَّ قائِلُو هذه المقالةِ، بحديثِ شُعبةَ، عن أبي التَّيَّاح، عن مُطرِّفِ بن الشِّخِّيرِ، عن عبدِ الله بن المُغفَّل، قال: أمرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقَتلِ الكِلابِ، ثُمَّ قال: "ما لي وللكِلاب؟ " ثُمَّ رخَّصَ في كلبِ الصَّيدِ.

حدَّثنا سعيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، قال: حدَّثنا شَبابةُ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، فذكرهُ (١).

قالوا: ففي هذا الخبرِ: أنَّ كلبَ الصَّيدِ قد كان أمر بقَتْلِهِ، ثُمَّ أباحَ الانتِفاعَ به، فارتفَعَ القتلُ عنهُ. قالوا: ومعلُومٌ أنَّ كلَّ ما يُنتَفعُ به، جائزٌ اتِّخاذُهُ، ولا يجُوزُ قَتْلُهُ، إلّا ما يُؤكَلُ، فيُذكَّى ولا يقتُلُ.

واحتجُّوا أيضًا بحديثِ ابن وَهْب، عن عَمرِو (٢) بن الحارِثِ، عن عبدِ ربِّهِ بن سعيدٍ، عن عَمرِو بن شُعَيب، عن سَعيدِ بن المُسيِّب: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بقتلِ الكِلابِ، ثُمَّ قال: "إنَّها أُمَّةٌ، ولا أُحِبُّ أن أُفْنيَها، ولكِنِ اقتُلُوا كلَّ أسودَ بَهيم".

وقد قال ابنُ جُريج - في حديثِ أبي الزُّبيرِ، عن جابر: أمَرَنا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقَتْلِ الكِلابِ - قال: فكُنّا نَقْتُلُها، حتَّى قال: "إنَّها أُمَّةٌ من الأُمم"، ثُمَّ نَهَى عن قَتْلِها، وقال: "عليكُم بالأسْوَدِ ذي القَرْنينِ"، أو قال: "ذي النُّكْتتينِ، فإنَّهُ شيطانٌ".


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢٧/ ٣٤٧، ٣٤٨ (١٦٧٩٢)، والدارمي (٧٤٣، ٢٠١٢)، ومسلم (٢٨٠)، وأبو داود (٧٤)، وابن ماجة (٣٦٥، ٣٢٠٠)، والنسائي في المجتبى ١/ ٥٤، ١٧٧، وفي الكبرى ١/ ٩٨ (٧٠)، وابن الجارود في المنتقى (٥٣)، وابن حبان ٤/ ١١٤ (١٢٩٨)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٥١، والبغوي في شرح السنة (٢٧٨١) من طريق شعبة، به. وانظر: المسند الجامع ١٢/ ٢٦٠ (٩٤٩٦).
(٢) في الأصل: "عمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>