للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثناهُ عبدُ الرَّحمنِ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ، قال: حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا يوسُفُ، قال: حدَّثنا حجّاجٌ، عن ابن جُرَيج، فذكَرهُ (١).

قال أبو عُمر: حديثُ جابرٍ لا حُجَّةَ فيه لمن أمرَ بقتلِ الكِلابِ، بلِ الحُجَّةُ فيه لمن لم يرَ قتلها، على ما نذكُرهُ من رِواية ابن جُريج، عن أبي الزُّبيرِ، إن شاءَ الله.

قالوا: فهذا يدُلُّ على أنَّ الإباحَةَ في اتِّخاذِها، وحُبَّهُ أن لا يُفْنيَها، كان بعدَ الأمرِ بقَتْلِها.

قالوا: وقد رخَّصَ في كلبِ الصيدِ، ولم يخُصَّ أسودَ بهيمًا من غيرِهِ، وقد قالوا: إنَّ الأسودَ البَهِيم من الكِلابِ أكثرُها أذًى، وأبَعَدُها من تَعليم ما يَنْفعُ، ولذلك رُوي أنَّ الكلبَ الأسود البهيم شَيْطانٌ (٢)، أي: بعيدٌ من المنافع، قريبٌ من المضرَّةِ والأذى.

وهذه أُمُورٌ لا تُدرَكُ بنَظرٍ، ولا يُوصَلُ إليها بقياسٍ، وإنَّما يُنتَهى فيها إلى ما جاءَ عنهُ - صلى الله عليه وسلم -. وقد رُوي عن ابن عبّاس: أنَّ الكِلاب من الحِنِّ (٣)، وهي ضعَفةُ (٤) الجِنِّ، فإذا غَشِيتكُم، فألقُوا لها الشَّيء، فإنَّ لها أنفُسًا. يعني أعيُنًا (٥).

ورُوي عن الحسنِ وإبراهيمَ: أنَّهُما كانا يَكْرهانِ صيدَ الكَلْبِ الأسْوَدِ البَهيم (٦).


(١) أخرجه أبو عوانة (٥٣١٤) عن يوسف بن سعيد، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٢٢/ ٤٣٤ (١٤٥٧٥)، ومسلم (١٥٧٢)، وأبو داود (٢٨٤٦)، وابن حبان ١٢/ ٤٦٧ - ٤٦٨ (٥٦٥١)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ١٠، من طريق ابن جريج، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٢٣٩ - ٢٤٠ (٢٧٢٩).
(٢) سيأتي من حديث عبد الله بن مغفل، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) في الأصل، م: "الجن"، مصحَّف. وتنظر: النهاية ١/ ٤٥٣.
(٤) في م: "بقعة" ككتبة، ويقال: بُقْع، أيضًا، وستأتي بهذا اللفظ في عبارة الجاحظ قريبًا.
(٥) انظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ص ١٣٥.
(٦) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٠١٤٠) و (٢٠١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>