للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ وَهْب: وأخبرني يونُسُ، عن ابنِ شِهاب، أنّه كان يقول: لا خيرَ في خَلٍّ من خمرٍ أُفْسِدَتْ، حتى يكونَ اللَّهُ يُفْسِدُها، عندَ ذلك يَطيبُ الخَلُّ (١).


= وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٩/ ٢٥٢ (١٧١١١) و (١٧١١٢)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٤٥٧٧) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، به.
وقد شكّك أبو حاتم في نسبة هذا الكلام لعمر بن الخطاب، فقد قال فيما نقله عنه ابنه في العلل ٤/ ٤٦٠ - ٤٦١ (١٥٦٦) وقد سأله عن هذا الأثر، فقال: "يُشبه أن يكون عامّة هذا الكلام من كلام الزُّهريّ، لأنه قد رُويَ بهذا الإسناد عن عمر كلام في الطِّلاء. ورُويَ عن الزُّهريّ قوله هذا الكلام، فاستدْلَلْنا أنّ هذا الكلام ليس هو من كلام عمر، وأنه كلامُ الزُّهري، وقد كان الزُّهريّ يُحدِّث بالحديث، ثم يقول على إثره كلامًا، فكان أقوامٌ لا يضبطون، فجعلوا كلامه في الحديث، وأمّا الحُفّاظ وأصحابُ الكتب فكانوا يُميِّزون كلامَ الزُّهريّ من الحديث" وكذا نقل عن أبي زرعة الرازي قوله فيه: "الذي عندي أن هذا كلَّه من كلام الزُّهري" وذكر نحو ما قاله أبو حاتم في بيان علَّة هذا الحديث.
قلنا: وكلامُ عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه في الطِّلاء، أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٩/ ٢٥٣ (١٧١١٦)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٢٩٦ (٦٨٣٠) كلاهما من طريق معمر بن راشد، عن محمد بن شهاب الزهري، بالإسناد نفسه إلى أسلم مولى عمر، قال: "قدمنا مع عمر الجابية، فأُتيَ بطِلاءٍ مثل عقيد الرُّبِّ إنما يُخاض بالمخاوض خوضًا فقال: إنّ في هذا الشراب ما انتهى إليه". ثم إنه مما يدلُّ على صحَّة ما ذهب إليه أن الحاكم أخرج هذا الأثر في علوم الحديث ص ٦٣ - ٦٤ من طريق عبد اللَّه بن وهب عن يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه قال: "سمعت عثمان بن عفان يقول: اجتنبوا الخمرَ، فإنها أمُّ الخبائث" وذكر الحديث بطوله، ثم قال: قال ابن شهاب: "في هذا الحديث بيان أن لا خيرَ في خلٍّ من خمر أُفسِدَت. . . " إلى آخر ما ذُكر على أنه من قول عمر. ويُنظر ما بعده.
(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ٣٩٥ بإثر (٣٤٤١)، وقال: "فبانَ بهذا الحديث أنّ ما أُضيفَ في حديث ابن أبي ذئب، يعني إلى عمر رضي اللَّه عنه إنما هو قاله الذي قاله في الشراب الذي أُتيَ به في هذا الشراب ما انتهى إليه خاصّةً، وأن ما فيه سوى ذلك إنما هو من كلام ابن شهاب لا من كلام مَنْ سواهُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>