للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أنَّ المرأةَ المُتجالَّةَ (١) والمرأةَ الصّالحة، إذا دعَتْ إلى طعام أُجيبتْ، هذا إن صحَّ أنّها لم تكنْ بذاتِ مَحْرَم من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وفي قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: ٦٠] كفايةٌ.

وفيه من الفقهِ أيضًا: أنَّ مَنْ حلَف ألّا يَلبَسَ ثوبًا ولم تكنْ له نيّةٌ، ولا كان لكلامِه بِساطٌ يُعلمُ به مُرادُه، ولم يَقصِدْ إلى اللِّباسِ المعهود، فإنّه يَحنثُ بما يُتوطَّأُ ويُبسَطُ من الثياب؛ لأنَّ ذلك يُسمَّى لِباسًا، ألا ترَى إلى قوله: فقمْتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طُولِ ما لُبسَ.

حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ بنِ يحيى (٢)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ القاسم بنِ شعبان، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ شُعيب، قال (٣): حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، قال: أخبرنا الفُضيلُ بنُ عياض، عن هشام، عن ابنِ سيرينَ قال: قلتُ لعَبِيدة: افتراشُ الحريرِ كلُبْسِه؟ قال: نعم (٤).

وأمّا نَضْحُ الحصير، فإنَّ إسماعيلَ بنَ إسحاقَ وغيرَه من أصحابِنا كانوا يقولون: إنَّ ذلك إنما كان لتَلْيينِ الحصيرِ لا لنجاسةٍ فيه، واللَّهُ أعلم. وقال بعضُ أصحابِنا: إنَّ النَّضْحَ طُهر لما شُكَّ فيه؛ لتَطْييبِ النَّفس عليه.


(١) المرأة المُتجالّة: هي الكبيرة السِّنِّ تبْرُز للقوم يجلسون إليها، ويتحدَّثون عندها، يقال: جلَّت فهي جليلة. ينظر: المحكم ٩/ ٣٨، واللسان (جلل).
(٢) هو ابن محمد، أبو زيد العطّار.
(٣) هو النسائيُّ، ولم نقف عليه في مصنَّفاته المطبوعة.
(٤) أخرجه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق ٥/ ٦٣ - ٦٤ من طريق هشام بن حسّان القُردوسيّ، به. وعَبيدة: هو ابن عمرو السَّلْمانيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>