للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: الأصلُ في ثَوبِ المسلم، وفي أرضِه، وفي جسمِه، الطَّهارةُ حتى يُستَيقَنَ بالنَّجاسة، فإذا تُيقِّنتْ وجَب غَسلُها، وكذلك الماءُ أصلُه أنّه محمولٌ على الطهارةِ حتى يُستَيقَنَ حُلولُ النَّجاسةِ فيه، ومعلومٌ أنَّ النَّجاسةَ لا يُطهِّرُها النَّضْحُ، وإنّما يُطهِّرُها الغَسل، وهذا يدلُّكَ على أنَّ الحصيرَ لم يُنضَحْ لنجاسة، وقد يُسمَّى الغَسلُ في بعض كلام العربِ نَضْحًا، ومنه الحديث: "إنِّي لأعلمُ أرضًا يقال لها: عُمان، يَنضَحُ البحرُ بناحيتِها" (١)، الحديثَ. فإنْ كان الحصيرُ نَجِسًا فإنّما أُريدَ بذكرِ النَّضح الغَسلُ، واللَّهُ أعلم.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٨/ ٤٦١ (٤٨٥٣)، والبخاري في التاريخ الكبير ٢/ ٣٠٧ (٢٥٧٢)، والحارث بن أبي أسامة كما في بغية الباحث (٣٦١)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٣٣٥ (٨٩٣٠) من طرق عن جرير بن حازم، عن الزُّبير بن الخرِّيت، عن الحسن بن هادية، قال: لقيتُ ابن عمر، فقال: من أين أنت؟ فقلت: من أهل عُمان، قال: من أهل عُمان؟ قلت: نعم، قال أُحدِّثك ما سمعتُ من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول؟ قلت: بلى، قال: سمعت رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنِّي لأعلمُ أرضًا يُقال لها عُمان، يَنْضَحُ بجانبها -في رواية أحمد وقال إسحاق: بناحيتها- البحرُ، الحَجَّةُ منها أفضلُ من حَجَّحَينِ من غيرها" وإسناده ضعيف لجهالة الحسن بن هادية، فقد ترجم له البخاري في تاريخه الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٣/ ٤٠ (١٧٣)، وابن حجر في تعجيل المنفعة ١/ ٤٤٨، وقد تفرَّد بالرواية عنه الزُّبير بن الخرِّيت، ولا يُعرف إلّا بهذا الحديث الواحد، وذكره ابن حبّان في الثقات ٤/ ١٢٣ (٢١٠٥)، وذكره فيه شبه لا شيء. إسحاق المذكور في الحديث: هو ابن عيسى الطباع شيخ أحمد.
والحديث في مسند أحمد ١/ ٣٩٨ (٣٠٨)، ومسند الحارث بن أبي أسامة كما في بغية الباحث (١٠٣٨)، والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم ٤/ ٢٧٢ (٢٢٩٤)، ومسند أبي بكر الصديق لأبي بكر المروزي (١١٤)، ومسند أبي يعلى ١/ ١٠١ (١٠٦) من طرق بالإسناد نفسه، ولكن ذكروا فيه أبا لبيد لمازة بن زبّار بدل الحسن بن هادية العُماني، فأدخله على أبي بكر الصدِّيق رضي اللَّه عنه، فجعلوه من مسند أبي بكر، وزادوا بعد قوله: "بناحيتها البحر": "بها حيٌّ من العرب لو أتاهُم رسولي لم يرمُوه بسَهْم ولا حجر" وليس عندهم ذكر "الحجّة منها أفضل من حجَّتين" وإسناده ضعيف، فإن أبا لبيد لمازة بن زبّار لم يُدرك عمر ولا أبا بكر رضي اللَّه عنهما فيما نقل العلائي في تحفة التحصيل ٢٧٢ عن المفضّل بن غسان الغلابي وابن حجر في تهذيب التهذيب ٨/ ٤٥٧ عن علي بن المديني.

<<  <  ج: ص:  >  >>