وهذا الحديث مما تتبعه الدارقطني على البخاري ومسلم لإخراجهما السعاية فيه، وأنها مدرجة (التتبع، رقم ٢٥)، وقال الحافظ ابن حجر بعد أن أورد أقوال من قال بالإدراج، وأجاد. "وهكذا جزم هؤلاء بأنه مُدْرج، وأبي ذلك آخرون منهم صاحبا الصحيح فصححا كون الجميع مرفوعًا، وهو الذي رجحه ابنُ دقيق العيد وجماعة؛ لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه من همام وغيره، وهشام وشعبة - وإن كانا أحفظ من سعيد - لم ينافيا ما رواه، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدًا حتى يتوقف في زيادة سعيد، فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره، وهذا كله لو انفرد، وسعيد لم ينفرد، وقد قال النسائي في حديث أبي قتادة عن أبي المليح في هذا الباب بعد أن ساق الاختلاف فيه على قتادة: هشام وسعيد أثبت في قتادة من همام، وما أعل به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرد به مردود؛ لأنه في الصحيحين وغيرهما من رواية مَن سمع منه قبل الاختلاط كيزيد بن زريع ووافقه عليه أربعة تقدم ذكرهم وآخرون معهم لا نطيل بذكرهم، وهمام هو الذي انفرد بالتفصيل، وهو الذي خالف الجميع في القدر المتفق على رفعه، فإنه جعله واقعة عين وهم جعلوه حكمًا عامًّا، فدل على أنه لم يضبطه كما ينبغي ... ". قال ابن دقيق العيد: " ... وكأن البخاري خشي من الطعن في رواية سعيد بن أبي عروبة فأشار إلى ثبوتها بإشارات خفية كعادته، فإنه أخرجه من رواية يزيد بن زُريع عنه وهو من أثبت الناس فيه وسمع منه قبل الاختلاط، ثم استظهر له برواية جرير بن حازم بمتابعته لينفي عنه التفرد، ثم أشار إلى أن غيرهما تابعهما ثم قال: اختصره شعبة، وكأنه جواب عن سؤال مقدَّر، وهو أن شعبة أحفظ الناس لحديث قتادة فكيف لم يذكر الاستسعاء، فأجاب بأن هذا لا يؤثر فيه ضعفًا؛ لأنه أورده مختصرًا وغيره ساقه بتمامه، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد واللّه أعلم". (فتح الباري ٥/ ١٥٨).