للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: المِثلُ لا يُوصَلُ إليه إلّا بالاجتِهادِ، كما أنَّ القيمةَ تُدرَكُ بالاجتِهادِ، وقد أجمعُوا على المِثلِ في المَكِيلاتِ والموزُوناتِ، مَتَى وُجِدَ المِثلُ، واختلفُوا في العُرُوضِ، وأصحُّ حديثٍ في ذلك، حديثُ نافع، عن ابن عُمرَ، فيمَنْ أعتَقَ شِقصًا لهُ في عبدٍ، أنَّهُ يُقوَّمُ عليه، دُونَ أن يُكلَّفَ الإتيانَ بمِثلِهِ، وقيمةُ العدلِ في الحَقِيقةِ مِثلٌ، وقد قال العِراقيُّونَ - في قولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥]- إنَّ القيمةَ مِثلٌ في هذا الموضِع، وأبَى ذلكَ أهلُ الحِجازِ، وللكلام في ذلك مَوْضِعٌ غيرُ هذا.

واختلف الذين لم يقولُوا بالسِّعايةِ في تَوْريثِ المُعتَقِ بعضُهُ إن ماتَ لهُ ولدٌ وتوريثِهُ منهُ، فرُوِيَ عن عليٍّ رضي الله عنهُ قال: يَرِثُ ويُورَثُ بقدَرِ ما أُعتِقَ منهُ (١). وعنِ ابن مسعُودٍ مِثلُهُ. وبه قال: عُثمانُ البتِّيُّ، والمُزنيُّ (٢).

وقال الشّافِعيُّ (٣) في الحديثِ: يُورَثُ منهُ بقدرِ حُرِّيَّتِهِ، ولا يرِثُ هُو.

ورُوي عن زيدِ بن ثابِتٍ أنَّهُ قال: لا يرِثُ، ولا يُورثُ. وهُو قولُ مالكٍ، والشّافِعيِّ في العِراقيِّ.

وقال ابنُ سُرَيج: فإذا لم يُورَثْ، احتمَلَ أن يُجعَلَ مالُهُ في بيتِ المالِ. وجعلهُ مالكٌ، والشّافِعيُّ في القديم، لمالكِ باقيهِ، وقال أهلُ النَّظرِ من أصحابِ الشّافِعيِّ وغيرِهِم: هذا غَلَطٌ؛ لأنَّهُ ليسَ لمالكِ باقيهِ على ما عتَقَ منهُ ولاءٌ ولا رَحِمٌ ولا مِلْكٌ. وهذا صحيحٌ، وباللّه التَّوفيقُ.


(١) ذكره الماوردي في الحاوي الكبير ١٨/ ٢٣.
(٢) كذلك.
(٣) الحاوي الكبير ١١/ ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>