للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدَّثنا محمدُ بن المُثنَّى، قال: حدَّثنا خالدٌ. جميعًا عن حُميدٍ، عن أنسٍ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندَ بعضِ نِسائهِ، فأرسَلَتْ إحْدَى أُمَّهاتِ المُؤمِنين جاريةً بقَصْعةٍ لها فيها طعامٌ، قال: فضَرَبَت بيدِها، فكَسَرتِ القَصْعةَ. قال ابنُ المُثنَّى في حديثهِ: فأخَذَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الكِسْرتينِ، فضمَّ إحداهُما إلى الأُخرى، وجعَلَ يجمعُ فيهما الطَّعامَ، ويقولُ: "غارَتْ أُمُّكُم، كُلُوا"، فأكلُوا حتَّى جاءَت قَصْعَتُها التي في بيتِها. ثُمَّ رَجَع إلى حديثِ مُسدَّدٍ، وقال: "كُلُوا" وحبَسَ الرَّسُولَ والقصعةَ (١) حتَّى فَرَغُوا، فدفَعَ القَصْعةَ الصَّحيحةَ إلى الرَّسُولِ، وحبَسَ المكسُورةَ في بَيْتِهِ.

قال أبو داودَ (٢): وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، قال: حدَّثنا يحيى، عن سُفيانَ، قال: حدَّثني فُلَيتٌ العامِريُّ - قال أبو داود: وهُو أفْلَتُ بن خَلِيفةَ - عن جَسَرةَ بنتِ دَجاجةَ، قالت: قالت عائشةُ: ما رَأيتُ صانِعًا طَعامًا مِثلَ صفيَّةَ، صَنَعت لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا، فبَعَثَتْ به، فأخذني أفْكَلٌ (٣) فكَسَرتُ الإناءَ، فقلتُ: يا رسُولَ الله، ما كفّارةُ ما صَنَعتُ؟ قال: "إناءٌ مِثلُ إناءٍ، وطَعامٌ مِثلُ طعام".

قال أبو عُمر: قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ: "طعامٌ مِثلُ طعام" مُجتمعٌ على استِعمالِهِ، والقولُ به (٤) في كلِّ مطعُوم، مكيل (٥) أو موزُونٍ، مأكُولٍ أو مشرُوبٍ، أنَّهُ يجِبُ على مُسْتهلِكِهِ مِثلُهُ، لا قيمتُهُ، على ما ذكَرْناهُ في بابِ زيدِ بن أسلمَ، عندَ ذِكرِ حديثِ أبي رافِع (٦) فاعلَمْ ذلك.


(١) في م: "القصعة".
(٢) في سننه (٣٥٦٨). وأخرجه أحمد في مسنده ٤٢/ ٧٨ - ٧٩ (٢٥١٥٥)، والنسائي في المجتبى ٧/ ٧١، وفي الكبرى ٨/ ١٥٦ (٨٨٥٥)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٩٦، من طريق سفيان، به. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ٥٩ (١٦٨١٦).
(٣) الأفكل: الرعدة، وتكون من برد أو خوف. والمراد هنا من شدة الغيرة. انظر: لسان العرب ١١/ ١٩.
(٤) قوله: "والقول به". لم يرد في الأصل.
(٥) في م: "مأكول".
(٦) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٢١٣ (١٩٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>