للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضُ أهلِ العِلم: تَجِبُ زكاةُ الفِطْرِ في المولُودِ والعَبْدِ وغيرِهِم، إلى أن تُصلَّى صَلاةُ العيدِ، فمَنْ وُلِدَ لهُ، أو كسَبَ مملُوكًا بعد ذلكَ، في ذلك اليوم، فلا شيءَ عليه فيه.

واختلَفَ الفُقهاءُ أيضًا في وُجُوبِها على الفُقَراءِ (١)، فرَوَى ابنُ وَهْب، عن مالكٍ، أنَّهُ قال في رَجُلٍ لهُ عبدٌ لا يَملِكُ غيرَهُ، قال: عليه فيه زَكاةُ الفِطْرِ. قال مالكٌ: والذي ليسَ لهُ إلّا مَعِيشةُ خمسةَ عشَرَ يومًا أو نحوِها، والشَّهرِ ونَحْوِهِ، عليه زكاةُ الفِطْرِ. قال مالكٌ (٢): وإنَّما هي زَكاةُ الأبْدان (٣).

ورَوَى عنهُ أشهبُ: أنَّ زَكاةَ الفِطْرِ لا تجِبُ على من ليسَ عندَهُ. ورُوي عن مالكٍ أيضًا: أنَّ عليه صَدَقةَ الفِطْرِ، وإن كان مُحتاجًا. ورُوي عنهُ: أنَّهُ من كان لهُ أن يأخُذَ صَدَقةَ الفِطْرِ، فليسَ عليه أن يُؤَدِّيَ عن نَفسِهِ.

وذكَرَ أبو التَّمّام، قال مالكٌ: زَكاةُ الفِطرِ واجِبةٌ على الفَقِيرِ الذي يفضُلُ عن قُوتِهِ صاعٌ، كوُجُوبِها على الغنيِّ. قال: وبه قال الشّافِعيُّ.

قال أبو عُمر: وذكَرَ الطَّحاويُّ: قال أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ: لا تجِبُ زَكاةُ الفِطْرِ على من يحِلُّ لهُ أخَذُ الصَّدقةِ المفرُوضةِ. ويحِلُّ عندَهُم أخذُها لمنْ ليسَ لهُ مِئَتا دِرْهم، على ما ذكَرْنا عنهُم، فيما سلَفَ من كِتابِنا هذا، فلا تَلْزمُ زَكاةُ الفِطْرِ عندَهُم، إلّا على من ملكَ مِئَتي دِرْهم.

وقال الشّافِعيُّ (٤): من مَلكَ قُوتَهُ وقُوتَ من يَمُونُهُ يومَهُ ذلكَ، وما يُؤَدِّي به عنهُ وعنهُم زكاةَ الفِطْرِ، أدّاها عنهُ وعنهُم، فإن لم يكُن عندَهُ بعدَ قُوتِ اليوم


(١) تنظر التفاصيل في مختصر اختلاف الفقهاء ١/ ٤٦٨ (٤٥٦).
(٢) قوله: "قال مالك" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ، وفي الاستذكار ٣/ ٢٦٧.
(٣) انظر: الاستذكار ٣/ ٢٦٧. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٤) هذا منقول من مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>