كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

مالك، عن نافع مولى ابن عمر - ٤٢ - ج: 9 - ص: 255

ورَوَى محمدُ بن سيرينَ، عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسُولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحلِفُوا بآبائكُم، ولا بأُمَّهاتِكُم، ولا بالأنْدادِ، ولا تحلِفُوا إلّا باللّه، ولا تحلِفُوا باللّه إلّا وأنتُم صادِقُونَ".

حدَّثناهُ عبدُ اللّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (١): حدَّثنا عُبيدُ اللّه بن مُعاذٍ، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا عوفٌ، عن محمدِ بن سيرينَ، عن أبي هُريرةَ، فذكرهُ.

والحلِفُ بالمخلُوقاتِ كلِّها في حُكْم الحَلِفِ بالآباءِ، لا يجُوزُ شيءٌ من ذلك، فإنِ احتجَّ مُحتجٌّ بحدِيثٍ يُروَى عن إسماعيل بن جَعْفرٍ، عن أبي سُهَيلٍ نافع بن مالكِ بن أبي عامرٍ، عن أبيهِ، عن طَلْحةَ بن عُبيدِ اللّه، في قِصَّةِ الأعرابيِّ النَّجديِّ، أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أفلَحَ وأبيهِ إن صَدَقَ" (٢). قيل لهُ: هذه لَفْظةٌ غيرُ محفُوظةٍ في هذا الحديثِ، من حديثِ من يُحتجُّ به، وقد رَوَى هذا الحديث مالكٌ (٣)، وغيرُهُ، عن أبي سُهَيل، لم يقولُوا ذلك فيه.

وقد رُوي عن إسماعيل بن جعفرٍ هذا الحديثُ، وفيه: "أفلح واللّه إن صدَقَ" (٤)، و: "دخَلَ الجنّةَ واللّه إن صدَقَ" (٥).

وهذا أولى من رِوايةِ من روى: "وأبيهِ". لأنَّها لفظة مُنكَرةٌ، ترُدُّها الآثارُ الصِّحاحُ، وباللّه التَّوفيقُ.

---

(١) في سننه (٣٢٤٨). وأخرجه النسائي في المجتبى ٧/ ٥، وفي الكبرى ٤/ ٤٣٤ (٤٦٩٢)، وأبو يعلى (٦٠٤٨)، وابن حبان ١٠/ ١٩٩ (٤٣٥٧)، والطبراني في الأوسط ٥/ ٢٥ (٤٥٧٥)، والبيهقي في الكبرى ١٠/ ٢٩، من طريق عبيد اللّه بن معاذ، به. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٣٣٣ (١٣٧٢٣).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩ (٤٨٥) بغير لفظة: "وأبيه". وانظر تخريجه في شرح هذا الحديث.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ذكره ابن حزم في الأحكام ٣/ ٣٣٦.
(٥) أخرجه البيهقي في الكبرى ٢/ ٤٦٦، من طريق إسماعيل بن جعفر، به. وانظره في ١٠/ ١٩٧.