للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: أجمعَ العُلماءُ على أنَّ اليمينَ بغيرِ اللّه مَكْرُوهةٌ، مَنْهيٌّ عنها، لا يجُوزُ الحَلِفُ بها لأحدٍ (١).

واختَلَفُوا في الكفّار، هل تجِبُ على من حلَفَ بغيرِ اللّه فحَنِثَ؟ فأوْجَبها بعضُهُم، في أشياءَ يطُولُ ذِكرُها، وأبَى بعضُهُم من إيجابِ الكفّارةِ على من حنِثَ في يَمينِهِ بغيرِ اللّه، وهُو الصَّوابُ عندَنا، والحمدُ للّه.

(٢) وأمّا الحَلِفُ بالطَّلاقِ والعِتْقِ، فليسَ بيمينٍ عندَ أهلِ (٣) التَّحصيلِ والنَّظرِ، وإنَّما هُو طلاقٌ بصِفَةٍ، أو عِتقٌ بصِفَةٍ، إذا أوقَعَهُ مُوقِعٌ، وقَعَ على حسَبِ ما يجِبُ في ذلكَ عندَ العُلماءِ، كلٌّ على أصْلِهِ.

وقولُ المُتقدِّمينَ: الأيمانُ بالطَّلاقِ والعِتْقِ، إنَّما هُو كَلامٌ خرجَ على الاتِّساع والمجازِ والتَّقريبِ، وأمّا الحقيقةُ، فإنَّما هُو طلاقٌ على صِفَةٍ ما، وعِتق على صِفَةٍ ما (٤)، ولا يمينَ في الحقيقةِ إلّا باللّه عزَّ وجلَّ.

وأمّا من حلَفَ بصدَقةِ مالِهِ، أو نحو ذلك، فالذي يَلْزمُ منهُ، ما قصدَ به فاعِلهُ إلى البِرِّ والقُربةِ إلى اللّه عزَّ وجلَّ.

وهذا بابٌ اختلَفَ فيه العُلماءُ قديمًا وحديثًا، وسَنذكُرُ ما لهم في ذلكَ من الأقوالِ والاعتِلالِ في بابِ عُثمانَ بن حَفْصِ بن خَلْدةَ، من كِتابِنا هذا، عندَ ذِكْرِ قِصَّةِ أبي لُبابةَ (٥)، إن شاءَ اللّه. ونذكُرُ وُجُوه الأيمانِ، وتَقْسيمَها عِند العُلماءِ،


(١) ينظر: الأوسط لابن المنذر ١٢/ ١٤٣، والإشراف، له ٧/ ١١٨، والمدونة ١/ ٥٨٣، والحاوي الكبير للماوردي ١٥/ ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٢) من هنا يبدأ المجلد المحفوظ بدار الكتب المصريه، والمصور بمعهد المخطوطات، رقم (١٦٧) والذي رمزنا له: د ٤.
(٣) هذه اللفظة لم ترد في في الأصل.
(٤) هذه اللفظة من د ٤.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٦١٧ (١٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>