للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مَعْمرٌ، عن الزّهريِّ، عن سالم، عن ابن عُمرَ: يُجافي بيَدِه (١).

والصَّوابُ فيه عندَ أهلِ اللّغةِ: يجنأُ عن المرأةِ، بالهمزِ، أي: يميلُ عليها، يُقالُ: منهُ: جنأ يجنأُ جنأ وجُنُوءًا، إذا مال، والإجناءُ: التَّثنّي، ويَحْني ويَجْني، بمعنًى واحد (٢).

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: سُؤالُ أهلِ الكِتابِ عن كِتابِهِم، وفي ذلك دليلٌ على أنَّ التَّوراةَ صَحِيحةٌ بأيديهِم، ولولا ذلكَ، ما سألهم رسُولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم-، ولا دَعا بها.

وفيما ذكَرْنا دليلٌ على أنَّ الكُتّابَ الذينَ كانوا يكتُبُونهُ بأيديهِم، ثُمَّ يقولُونَ: {هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، هي كُتُبُ أحبارِهِم وفُقهائهِم ورُهبانِهِم، كانو يصنعُونَ لهم كُتُبًا من آرائهِم وأهوائهِم، ويُضيفُونها إلى اللّه عزَّ وجلَّ، ولهذا وشِبْهِهِ من إشكالِ أمرِهِم، نُهينا عن التَّصديقِ بما حَدَّثوا (٣) به، وعنِ التَّكذيبِ بشيءٍ من ذلكَ؛ لئلّا نُصدِّقَ بباطِل، أو نُكذِّبَ بحقٍّ، وهُم قد خَلَطُوا الحقَّ بالباطل.

ومن صَحَّ عندَهُ شيءٌ من التَّوراةِ بنَقلِ مِثلِ ابن سَلام وغيرِهِ من أحبارِ اليهُودِ الذين أسْلَمُوا، جازَ لهُ أن يَقْرأهُ ويعملَ بما فيه إن لم يَكُن مُخالِفًا لِما في شَرِيعتِنا، من كِتابِنا وسُنَّةِ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم-، ألا تَرَى إلى قولِ عُمرَ بن الخطّابِ، حينَ قال لكَعْب: إن كُنتَ تعلَمُ أنَّها التَّوراةُ التي أنْزَلها اللّهُ على موسى بن عِمْران بطُورِ سَيْناءَ، فاقْرَأها آناءَ اللَّيلِ، وآناءَ النَّهارِ (٤)؟ وقد أفْرَدنا لهذا المعنى بابًا في


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٧/ ٤٥٨ (١٣٣٣٠) عن معمر، به، ضمن الحديث مطولًا.
(٢) في الأصل، م: "والأجناء: المنحني، ويجنأ ويتجنّى ... "، وهو تحريف، والمثبت من د ٤، وقد جوّد ناسخ د ٤ العبارة وضبطها، ويلاحظ أن رواية البخاري في اليونينية بالحاء المهملة.
(٣) في ظا، م: "حدثونا"، والمثبت من الأصل، د ٤.
(٤) انظر: جامع بيان العلم وفضله للمصنف ص ٢٨٨، بإثر رقم (١٠٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>