للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلُّهُم يَشْترِطُ في الإحْصانِ المُوجِبِ للرَّجم الإسلامَ، هذا من شُرُوطِهِ عندَ جميعِهِم، ومن رأى رجمَ أهلِ الذِّمَّةِ منهُم إذا أُحصِنُوا، إنَّما رآه من أجلِ أنَّهُم إذا تحاكَمُوا إلَينا، لَزِمَنا أن نحكُمَ بينهُم بحُكم اللّه فينا، وكذلك فعلَ رسُولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- باليهُوديَّينِ المَذْكُورينِ في هذا الحديثِ، حينَ تحاكَمُوا إليه.

وقالت طائفةٌ مِمَّن يَرَى أنَّ قولَ اللّه عزَّ وجلَّ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩]، ناسِخٌ للآيةِ قبلَها، يعني قولَه: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} الآيةَ [المائدة: ٤٢]. قالوا: على الإمام إذا علِمَ من أهلِ الذِّمَّةِ حدًّا من حُدُودِ اللّه، أن يُقيمَهُ عليهم، وإن لم يَتَحاكمُوا إليه؛ لأنَّ اللّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}، ولم يقُل: إن تحاكَمُوا إليكَ. قالوا: والسُّنّة تُبيِّنُ ذلك، واحتجُّوا بحديثِ البَراءِ في ذلك.

وهُو ما حدَّثناهُ عبدُ اللّه بن محمدِ بن عبدِ المُؤمِنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ (١). وأخبَرَنا عبدُ اللّه بن محمدِ بن أسَدٍ، قال: حدَّثنا حَمْزةُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيب (٢)؛ قالا (٣): حدَّثنا محمدُ بن العلاءِ أبو كُريبِ. وأخبرنا محمدُ بن عبدِ الملِكِ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن زيادٍ، قال: حدَّثنا الحَسنُ بن محمدٍ بن الصَّبّاح الزَّعفرانيُّ. قالا (٤) جميعًا: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، قال:


(١) في سننه (٤٤٤٨).
(٢) في السنن الكبرى ١٠/ ٨٢ (١١٠٧٩). وأخرجه أحمد في مسنده ٣٠/ ٤٨٩ (١٨٥٢٥)، ومسلم (١٧٠٠) (٢٨)، وابن ماجة (٢٣٢٧، ٢٥٥٨)، وأبو عوانة (٦٣١٢)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢٤٦، من طريق أبي معاوية، وهو: محمد بن خازم الضرير، به. وانظر: المسند الجامع ٣/ ١٢١ - ١٢٢ (١٧٤٣).
(٣) في الأصل، د ٤: "قال"، وهو خطأ؛ لأن أبا كريب محمد بن العلاء هو شيخ النسائي وشيخ أبي داود في هذا الحديث.
(٤) في د ٤: "قالوا"، وهو خطأ؛ لأن المقصود هو أبو كريب والزعفراني حسبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>