للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَلَدنا البِكْرَ مئةً (١) وغرَّبناهُ عامًا (٢). وقال في كِتابِ الجِزيةِ: لا خيارَ للإمام ولا للحاكِم إذا جاؤوهُ في حدٍّ للّه، وعليه أن يُقيمَهُ عليهم، لقولِ اللّه عزَّ وجلَّ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، والصَّغارُ أن يجري عليهم حُكمُ الإسلام (٣). وهذا القولُ اختيارُ المُزنيُّ، واختار غيرُهُ من أصحابِ الشّافِعيِّ القولَ الأوَّل.

وقال الطَّحاويُّ (٤)، حينَ ذكرَ قولَ مالكٍ: إنَّما رجَمَ رسُولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- اليهُوديَّينِ، لأنَّهُم لم تَكُن لهم ذِمَّةٌ، وتحاكمُوا إليه. قال: لو لم يَكُن واجِبًا عليهم، لما أقامَهُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-. قال: وإذا كان من لا ذِمَّةَ لهُ، قد حدَّهُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في الزِّنا، فمن لهُ ذِمَّةٌ أحْرَى بذلكَ. قال: ولم يختلِفُوا أنَّ الذِّمِّيَّ يُقطَعُ في السَّرِقةِ.

قال أبو عُمر: إذا سرقَ الذِّمِّيُّ من ذمِّيٍّ، ولم يَتَرافعُوا إلَينا، فلا يُعرَضُ لهم عندَنا، وإن تَرافعُوا إلينا، حَكَمنا بحُكم اللّه فيهم؛ لأنَّ هذا مِن تَظالُمِهِمُ الذي يجِبُ علينا المنعُ منهُ إذا رُفِعَ إلينا، وإذا سَرقَ ذِمِّيٌّ من مُسلِم، كان الحُكمُ حينئذٍ إلينا، فوجَبَ القطعُ.

والحديثُ المشهُورُ يَدُلُّ على أنَّ رسُولَ اللّه -صلى الله عليه وسلم- إنَّما رجمَ اليهُوديَّينِ لأنَّهُم تحاكَمُوا إليه.

وقد ذكَرْنا اختِلافَ الفُقهاءِ في حدِّ الإحْصانِ المُوجِبِ للرَّجم، في كِتابِنا هذا، عندَ ذِكرِ حديثِ ابن شِهاب، عن عُبيدِ اللّه، فلا وجهَ لإعادتِهِ هاهُنا.


(١) كتب ناسخ د ٤ بعد هذا: "جلدةٍ" ثم ضرب عليها.
(٢) الأم ٦/ ١٦٨.
(٣) الحاوي الكبير ١٤/ ٣٨٥، والإشراف لابن المنذر ٤/ ٢٠٤.
(٤) مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>