للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الحديثِ: أنَّ اليَهُود دَعَوا رسُولَ اللّه -صلى الله عليه وسلم-، وحكَّمُوهُ في الزّانِيَيْنِ منهم (١)، وكذلك حديثُ مالكٍ، عن نافع، عن ابن عُمر، بنحوِ ذلك، وحديثُ ابن شِهابٍ أيضًا في ذلك يدُلُّ على ما وصفنا.

قرأتُ على عبدِ الوارثِ بن سُفيانَ، أنَّ قاسمَ بن أصبَغَ حدَّثهُم، قال: حدَّثنا مُطَّلِبُ بن شُعَيبٍ، قال: حدَّثنا عبدُ اللّه (٢) بن صالح، قال: حدَّثني اللَّيثُ، قال: حدَّثني عُقَيلٌ، عن ابن شِهاب، قال: أخبَرَني رجُلٌ من مُزَينةَ، مِمَّن يتَّبِعُ العِلمَ ويَعِيهِ، عن سَعيدِ بن المُسيِّبِ، أنَّ أبا هُريرةَ، قال: بينا نحنُ عندَ رسُولِ اللّه -صلى الله عليه وسلم-، جاءَهُ اليَهُودُ، وكانوا قد تشاوَروا (٣) في صاحِبٍ لهم زَنَى بعدَ ما أحصنَ، فقال بعضُهُم لبعض: إنَّ هذا النَّبيَّ قد بُعِثَ، وقد عَلِمتُم أنَّهُ قد فُرِضَ عليكُمُ الرَّجمُ. فذكَرَ حديثًا فيه: فقال لهم، يعني: رسُولَ اللّه -صلى الله عليه وسلم-: "يا مَعْشرَ اليهُودِ، أنشُدُكُم باللّه الذي أنزلَ التَّوراةَ على موسى بن عِمرانَ، ما تجِدُونَ في التَّوراةِ من العُقوبةِ على من زَنَى وقد أحصَنَ؟ " قالوا: نَجِدُ: يُحمَّمُ ويُجلدُ. وسكتَ حَبْرُهُم، وهُو في جانِبِ البَيْتِ، فلمّا رأى رسُولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- صمْتَهُ (٤) ألظَّ به (٥) ينشُدُهُ، فقال حبرُهُم: أما إذْ نَشَدْتَنا، فإنّا نَجِدُ عليه الرَّجمَ، فذكَرَ حديثًا فيه: "فإنِّي أقْضِي بما في التَّوراةِ". فأنزل اللّهُ عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ} إلى قولِهِ: {وَمَنْ لَمْ


(١) في د ٤: "بينهم"، والمثبت من الأصل.
(٢) في د ٤: "عبيد اللّه"، وهو تحريف، وهو: عبد اللّه بن صالح كاتب الليث.
(٣) في الأصل، م: "شاوروا".
(٤) هذه اللفظة لم ترد في د ٤، ولذلك استغرب ناسخها لفظة "رأى"، فكتب بين الأسطر: "كذلك وُجدت"، ثم كتب في الحاشية: "لعله: رآه".
(٥) ألظ به ينشده: أي ألح في سؤاله، وألزمه إياه. انظر: النهاية لابن الأثير ٤/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>